المعنيين ، من حشرهم الشرير في الدنيا ، وإلى حشرهم الشرير في الآخرة ، فمهما يكن الحشر الأول مبتدء يستحق «من» والثاني منتهى يستحق «إلى» ولكن في «ل» إيحاء بهما وإيفاء لهما «لأول الحشر».
فقد حشروا حشرهم هكذا بغية احتلال المدينة وعصيان الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والقضاء عليه ، فردّ الله عليهم حشرهم فأخرجهم لأوله ولمّا ينضج أو ينتج ، وللأرض التي منها يحشرون.
(... ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) :
إنه لم يكن إخراجهم لضعفهم في عدّة أو عدّة حيث (ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ) ولا لقوتكم أنتم في عدّة أو عدّة ، لحدّ : (ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا) ولكن الله تولى مهمة هذا الإخراج : (فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) نصرا من الله للرسول والمؤمنين المجاهدين.
فرغم عدم توقع المؤمنين خروج هؤلاء من عاصمة الرسالة الإسلامية ، ورغم المنع المنيعة في حصونهم لحدّ أنستهم قوة الله التي لا تمنعها الحصون ، ورغم أنهم بالتالي كانوا يحسبون أنفسهم بحكم هذه العدد الظاهرية ظاهرين على المسلمين ، رغم هذا كله (فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا).
فهنا حساب واحتساب يستطيعه الإنسان ويعرفه ويتبناه لما يهدف ، وهناك حساب في ميزان الله يغلب كل حساب واحتساب ، لا قبل له بأي حساب ، فأين حساب من حساب؟
فمهما يملك الإنسان ـ كما يزعم ـ كلّ دوافع الغلبة والظهور ، ولكنه لا يملك قلبه الذي هو مصدر أمره ونهيه ، قوته ووهنه ، سقوطه ونجاحه ، فمنه