يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ. لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) (٥٩ : ١٣).
مكر تلو مكر ، وغدر تلو غدر ، يهدفون به المقام في المدينة ثم احتلالها مع إخوانهم المنافقين ، ولكن الله يطلع نبيه عليه ، ويخرجهم لأول الحشر ، وعلّه أول الجمع بين المتحالفين : اليهود والمنافقين (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ).
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) :
إن تسبيح الله وتنزيهه ـ طوعا أو كرها ـ هو لزام ذوات الكائنات ، فكيانهم كخلق الله تسبح الله عن أي نقص في الخلق (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) ثم وهي تسبح الله عن شعور ولكن لا تفقهون : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (١٧ : ٤٤) ثم العقلاء النبلاء منها يسبحون الله كما يعرفون : تسبيحات ثلاث في الكائنات لا يخلو منها حتى الملحدين الكفار ، وان كفروا به في ثالث ثلاثة : التسبيح الاختياري العقلاني ، بما حملوا وخانوا أمانة التكليف.
(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) :
فلو كانوا مؤمنين بكتاب الله ـ التوراة ـ ما خالفوا بشاراته بحق الرسول الاسماعيلي محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم وما نقضوا عهودهم معه بعد ما أحكموها ، ولكنهم كفروا بالكتاب ، رغم أنهم من أهل الكتاب ، يؤمنون ببعض الكتاب ـ لصالحهم كما يظنون ـ ويكفرون ببعض ـ كتجار الشريعة الإلهية!
هؤلاء اليهود الكفار من بني النضير أخرجهم الله تعالى من ديارهم لأول الحشر ، فما هو الحشر هنا؟ وما هو أوله؟.