ولما تصل الحجاج إلى ذلك الحد من اللجاج «فذرهم» واتركهم «يخوضوا» أغوارا مظلمة من تلكم الهرطقات «ويلعبوا» في خوضهم وكل حياتهم كأطفال (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ) يوم الموت ويوم القيامة وهما يوم واحد لوحدة النشأة مهما كانا يومين لاختلافهما في الحدّة (الَّذِي يُوعَدُونَ) : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ..) (٦ : ٦٨) (قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) (٦ : ٩١).
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (٨٤)
هذه الآية تنفي مزعمة الإلهين أحدهما إله السماء وثانيهما إله الأرض ، وتنفي أيضا كونهما مكانا لإله واحد إذ ليس له مكان ، فألوهيته ـ لا ذاته ـ تضم الأرض والسماء على سواء (١) لا أنه في إحداهما ويحكم فيها وفي
__________________
ـ مختلفة له في كل سبب وضع في القرآن صفته على حده يقول فيه ، فمن اختلاف صفات العرش انه قال تبارك وتعالى : (رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) وهو وصف عرش الوحدانية عما يصفون ، وقوم وصفوه بيدين فقالوا : يد الله مغلولة ، وقوم وصفوه بالرجلين فقالوا : وضع رجله على صخرة بيت المقدس وارتقى الى السماء ، وقوم وصفوه بالأنامل فقالوا : ان محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : اني وجدت برد أنامله على قلبي ، فلمثل هذه الصفات قال : (رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) يقول : رب المثل الأعلى عما به مثّلوه ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء ولا يوصف ولا يتوهم فذلك المثل الأعلى.
(١) نور الثقلين ٤ : ٦١٧ ح ٩٨ في اصول الكافي علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم قال قال ابو شاكر الديصاني : ان في القرآن آية هي قولنا ، قلت : وما هي؟ فقال (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) لم أدر بما أجيبه فحججت فخبرت أبا عبد الله (عليه السلام) فقال : هذا كلام زنديق خبيث إذا رجعت اليه فقل : ما اسمك بالكوفة ، فانه يقول : فلان ـ فقل له : ما اسمك ـ