(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٦٦) الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (٦٧)
«هل ينظرون» : ـ نظرا أو نظرة ـ أمرا «إلا الساعة» فإنهم ناكرون كافة الإنباءات الغيبية والآيات الإلهية فلم تبق (إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) مباغتة مفاجئة تحدث غريبا فهم كانوا يرونها بعيدا ونراه قريبا (تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) لا واقع الساعة ولا اعتقاد مجيئها ، لا شعورية في بعدين ، عامدة إذ لم يشعروها في حياة التكليف حيث لم يعتبروا ويستدلوا بآياتها ولم تنفعهم مؤشراتها ، وغير عامدة إذ (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) دون خبرة سابقة بزمن وقوعها ، او أمارات متصلة بوقوعها ، وانما هي مباغتة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)! وان كانت مؤشرة بأشراطها وهم يتغافلونها!
(الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)(٦٧) (١) ترى ولماذا هنا الأخلاء دون الأصدقاء أو الاودّاء؟ علّه لأن الخلة هي قمة الصداقة والمودة لحد يخل الخليل في خليله كأنهما نفس واحدة ، أو تخل المودة بينهما وفي كل منهما فإذا أصبحت الأخلاء أعداء فمن دونهم أولى بالعداء! فكل خلة بين الأخلاء نبعت ونبتت على غير تقوى تبوء يومئذ إلى العداء حيث تبنّتها الطغوى ، ولماذا إلى العداء دون أن تحبط فلا خلة ولا عداء؟ لأنها حصلت على ضلال ، ونبتت وقويت على ضلال ، فأصبحت مضللة لكلّ خليله ، فلا يتلاحمون عليها يومئذ بل ويتلاومون ويتلاعنون ، يلقي كل على خليله تبعة ضلاله ، فالخلة التي تجمع بين الأخلاء هنالك تجمح بينهم ، فقد كانت ظاهرها فيها الرحمة وباطنها من قبلها العذاب.
__________________
(١) الأخلاء جمع لخليل من الخلة : ما يغطى به جفن السيف لكونه في خلالها ، او الخلة : المودة لأنها تتخلل في جوانح الموادين وبينهم فلا تبقي فراغا للعداء.