ينتصر لنفسه ، وأن ينتصر الفرد للجماعة كما تنتصر الجماعة للفرد ، فالانتصار عند البغي صفة الإيمان جماعات وفرادى.
إن الانتصار لإزالة البغي أو مكافأته ضابطة عامة لكل من بغي عليه ، ولكن حسب ما يقتضيه العدل ، والعفو خير إن كان في محله وليس العفو المصلح او الصالح غير المفسد إلّا في البغي على الأشخاص ، وأما البغي على الدين أو جموع أهل الدين فلا عفو فيه ، وحتى إذا تاب الباغي اللهم فيما أصلح وبيّن أنه بغى ، ولا يعني الإنتصار عند البغي إلّا صدا عن البغي ، ممن بغي عليه ومن تتطاول أيدي البغي عليه لولا الإنتصار.
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)(٤٠).
هنالك قضية العدل مماثلة بين سيئة وجزاءها في كل شيء ، ولا يصلح العفو عن المسيء إلا إذا أصلحه ويصد عن ظلمه ، وإذا (فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ)(١) واما العفو المفسد ان يتجرأ المسيء على ظلمك ، او تتطاول يده على سواك ، فهذا العفو ظلم على نفسك وسواك (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) وكما إذا اعتديت على المسيء اكثر مما أساء ، انه جزاء ظالم (إِنَّهُ
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ١١ ـ اخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا كان يوم القيامة امر الله مناديا ينادي ألا ليقم من كان له على الله اجر فلا يقوم الا من عفا في الدنيا وذلك قوله (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) وفي نقل آخر زيادة «فيقال لهم ادخلوا الجنة بإذن الله ، واخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينادي مناد يوم القيامة لا يقوم اليوم احد الا من له عند الله يد فيقول الخلائق سبحانك بل لك اليد فيقول بلى من عفا ـ