والتعرّف إلى شخصية هكذا غير يسير ، وقد يكون من المستحيل ، أولا تجتمع عليها الآراء ، وبذلك تنفصم عرى الوحدة الإسلامية ، وإذا عرفت وتوحدت الكلمة في اتباعها ، فلا يخلوا هذا العبقري من أخطاء ، وعلينا أن نزيلها أو نقللها بالشورى ، حيث الطاقات المتداخلة المتشاورة أقرب إلى الصواب ، وهي أحسن قولا ، كما وتوحّد القيادة الروحية السياسية في أهل الشورى ، حيث البعد الثاني فيها هو الأخذ بالأكثر ، فعلى المسلمين أجمع اتّباعه ، وإن كانت القلة من أهلها لا يتبعونها إلّا في الأحكام الجماعية السياسية أم ماذا؟.
فكل أمر ينزل بالمسلمين بعد زمن الوحي وزمن حملة الوحي ، ما لم ينزل فيه قرآن في نصه ، ولم يسمع من الرسول بخصوصه ، فليجمع المسلمون العابد من أمة الإسلام بشورى عامة ، حتى يحل العباد المنتخبون مشكلة هذا الأمر ب (شُورى بَيْنَهُمْ) : حيث تقرّبهم إلى الحق زلفى ، وتنوب مناب عقلية العصمة شيئا كثيرا.
ولان ضمير الجمع في (شُورى بَيْنَهُمْ) راجع إلى (لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ. وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ ..) فإنما الشورى الصالحة لأمرهم بين من يحمل هذه المواصفات الخمس ، وهم النخبة الصالحة من شورى الأمة الصالحة ، ثم وهؤلاء الأكارم ينتخبون فيما بينهم الرعيل الأعلى من فقهاء الأمة ، الأحسن رأيا وقولا حيث هم أفضل فقها وعدلا وفضلا. ثم وهؤلاء ينتخبون فيما بينهم رئيس الشورى وقائد الأمة ، شورى ثالثة هي سلالة الأخريين ، ثم هناك الشوراءات المتواصلة على رعاية القائد المنتخب لتقرير مسير الأمة ومصيرها أحكاميا وسياسيا دون أن يستبد القائد برهان القيادة لفقدان العصمة.