حيث يتبناها العلم والإيمان على ضوء القرآن والسنة ، فليس كل أمرهم شورى ، فمنه ضروري الصواب لا يحتاج إلى شورى ، وإنما أمرهم المشكوك صوابه بعد الإياس عن الحصول على صوابه من مصادره ، هذا الأمر شورى بينهم.
فالشورى إذا سبيل المؤمنين ومن أفضلها فيما لا سبيل إليه قاطعا ـ لتبين الحق ، لا سيما في الأمور الجماعية الإسلامية ـ إلّا بالشورى الصالحة ، سواء أكان أمر الولاية الإسلامية من المرجعية الدينية والسياسية ومن سائر الأمور ، ومن أهمها أمر الفتوى في معترك آراء الفقهاء ، فعليهم إزالة المفاصلات أو تقليلها بالشورى بين الرعيل الأعلى منهم ، ولكي يحصل على الوحدة بينهم ، أو يؤخذ برأي الأكثر منهم ، فاتّباعه هو اتباع الأحسن.
هذا النص على مكيته يتبنى حياتا جماعية متراصة في دولة كريمة إسلامية تدير شؤونها الشوراءات الصالحة بين من لهم آراء صالحة ، لكل حقل أهله ولكلّ أهل حقله ، أن يجعلوا أمرهم في حوار بالتي هي أحسن لكي يستخرجوا رأيا صائبا ثاقبا ليس فيه خطأ أو يقل.
ولكي يتأدبوا بأدب الشورى ويتدربوا فيها يؤمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على عصمته (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) تدريبا لهم فيما عليهم كسبيل دائبة لا حول عنها والرسول فيهم ، فكيف إذا غاب عنهم وذووه المعصومون ، فهم إذا بأمس الحاجة إلى الشورى.
والروايات القائلة أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) شاورهم في بعض الأمور فترك رأيه إلى آراء الاكثرية أمّاهيه ، إنها مخالفة لعقلية الوحي الحافلة لكل المصالح الجماهيرية ، الكافلة لحاجيات الأمة ومطاليبهم كما تخالف نصوصا من الكتاب والسنة.