استجابة لا تقف لحد العقيدة ومظاهر من الأعمال الإيمانية وإنما التي تحيي : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) (٨ : ٢٤).
هنا على محور الاستجابة لربهم يأتي دور إقام الصلاة أولا كصلة عريقة بين المستجيب وربه ، ثم أمر جماعي لصالح المسلمين : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) حفاظا على كيانهم ، ومن ثم (مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) في كلتا الصلتين الإلهية والبشرية ، تكريسا لكافة الإمكانيات.
(وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ).
آية لا ثانية لها في القرآن كله إلّا ما تأمر الرسول أن يشاورهم في الأمر : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (٣ : ١٥٩) فهذه في شورى الرسول معهم وتلك في شوراهم فيما بينهم وأين شورى من شورى؟!.
ليست مشاورة الرسول إياهم في الأمر إلا تشجيعا لهم وتدريبا لحاجتهم إليه كمعلم يشاور ، لا حاجة منه إليهم فإنه كرسول وحي كلّه فكيف يشاور غيره فيتبعهم؟
ونص الآية (فَإِذا عَزَمْتَ) يرجع الأمر إليه في النهاية كما البداية» (١) وكما قال (صلى الله عليه وآله وسلم) حين نزلت هذه الآية :
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤٠٥ ح ٤١٤ في تفسير العياشي احمد بن محمد عن علي بن مهزيار قال : كتب الي ابو جعفر (عليه السلام) ان سل فلانا ان يشير علي ويتخير لنفسه فهو يعلم ما يجوز في بلده وكيف يعامل السلاطين فان المشورة مباركة قال الله لنبيه في محكم كتابه (.. وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ..) فان كان ما يقول مما يجوز كنت أصوّب رأيه وان كان غير