للسفن الجارية.
ثم قد تشمله (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا) حيث الإيباق : الإهلاك ، ليس من مخلّفات سكون الريح فركودها على ظهره او يقل وعلى فرض بعيد ، وهو كائن في نفاد سائر الطاقات التي يخترعها الإنسان لجريها أم ماذا؟ من غرقها في خضمّ البحر الملتطم ، بريح عاصف ، أم تصارعها في عراك الريح دون بترول ولا وسائل أخرى تهديها بها الرياح أم ماذا من أسباب الهلاك (بِما كَسَبُوا) المهلكون أم سواهم (وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ) مما كسبوا دون تعجيل ، وإنما تأجيلا إلى يوم الحساب ، أم عفوا للذين يستحقونه فلهم محيص عن كثير (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) :
ثم (لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) كما نجدها في أربع (١) كيف يقترن فيها صبار بشكور؟ إن الصبر هو على الابتلاء ، والشكر على النعماء ، وهما قوام النفس المؤمنة المطمئنة في الضراء والسراء ، تصبّر في محنة البحر أم ماذا نظرة النعمة ، ويشكر في نعمته مخافة النقمة.
(فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)(٣٦).
آيات أربع ـ هذه والثلاث التي بعدها ، تحمل صفات عشر للصالحين ، من إيمان وهو الركيزة الأصيلة ـ والأولى و (الَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) هي الأخرى ، وبينهما متوسطات ثمان ومن أهمها سابعها : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ)!.
فهنا إيمان بالرب وتوكّل على الرب يحافظان الإنسان في معترك الحياة الدنيا بمتاعها ، فهنا التوكل على الله بعد الإيمان بالله هو للإبقاء على الإيمان والاستزادة فيه.
__________________
(١) كما هنا وفي لقمان (٣١) وابراهيم (٥) وسبأ (١٩).