السادسة من الفصول : قال : کان رجل جري منه دم بواسر فاحتباس فحداث منه وسواس سوداوي فاستفرغته أخلاطاً سوداوياً فبرأ ثم كنت أستفرغه أبداً منها إذا شعر بالعلة فسکن عنه مع استفراغها ماکان بداً به من ذلل الوسواس وستفد بالاسهال معناً لاستفراغ الخلط الاسود وکان الدواء فتح بواسره اضاً فجري منه الدم الرديء. لي : في أن قوى (١) النفس أقوى يجب منه أن يشرب الشراب باعتدال عند الماليخوليا ولا شيء أفضل له منه ولا علاج أبلغ في رفع الماليخوليا من الأشغال الاضطرارية التي فيها منافع أو مخافة عظيمة تملأ النفس وتشغلها جداً والأسفار والنقلة فاني رأت الفراغ اعظم شيء في تولده والفکر فما مض وکان کون ونبغي آن يعالج هذا الداء بالاشغال فإن لم يتهيأ فبالصيد والشطرنج وشرب الشراب والغناء والمباراة فيه ونحو ذلك مما يجعل للنفس شغلاً عن الأفكار العميقة لأن النفس إذا تفرغت تفكرت في الأشياء العميقة البعيدة وإذا فكرت فيها فلم تقدر على بلوغ عللها حزنت واغتمت واتهمت عقلها فإذا زاد وقوي فيها هذا العرض كان ماليخوليا وقد برء غر واحد منهم بهدم وقع آو بغرق آو حرق او خوف من سلطان وکل هذا دل عل أن النفس إذا عرض لها بغتة أمر اضطراري شغلها عن العناية والفكر بغيره. لي : الماليخوليا قد يكون والأخلاط جيدة / ولا يحتاج إلى دوائه ويكون ذلك من فكرة في شيء ما يدفع (٢) وعلاج هذا النوع يكون بحل ذلك الفكر فإنه كان رجل شكا إلي وسألني أن أعالجه من مرة زعم سوداوية فسألته ما يجد ، فقال : أفكر في الله تعالى من أين جاء وكيف ولد الأشياء فأخبرته أن هذا فكر يعم العقلاء أجمع فبرأ من ساعته وقد کان اتهم عقله حت آنه کاد آن قصر فما سع فه من مصالحه وغر واحد من هؤلاء عالجته بحل فکره.
الثالثة من السادسة من أبيذيميا : أصحاب المراقية يشتهون الجماع شهوة دائمة ويعرض لهم إذا استعملوه انتفاخ في البطن خاصة لمن أسن منهم وإنما تكثر شهوتهم للجماع لأن الرياح تكثر فيهم فيما دون الشراسيف والجماع يخفف عنهم ذلك ، قال : وأصحاب الماليخوليا لا يخلون أن يفزعوا من شيء ما لأن هذه العلة إنما هي الفزع من شيء ما فإذا كانت خفيفة خفية فزعوا من شيء أو شيئين أو ثلاثة وإذا كانت ظاهرة فزعوا من آشاء کثرة.
الخامسة من السادسة : قال : الجماع يضر لصاحب الوسواس السوداوي.
قال في الثامنة من السادسة : أصحاب الوسواس السوداوي قد يتقيؤون خلطاً أسود فربما خف بذلك عنهم مرضهم وربما لم يخف.
__________________
(١) كذا بالأصلي.
(٢) كذا بالأصل ولعله يقع.