ثم (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) تصديقا وتكذيبا وجزاء وفاقا ، دونك والذين من قبلك!
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ)(٥).
(وَعْدَ اللهِ) ليوم الحساب ، والجزاء الوفاق «حق» ثابت لا حول عنه ولا تبديل ، الا عجزا او نسيانا ، ام ظلما وعدوانا (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)!
وذلك الوعد الحق لا بد لكم ان تعيشوا ذكراه في حياة النسيان ، وحذار حذار (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) عن الوعد الحق (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ) في توحيده ووعده الحق «الغرور» الذي يعيش غرورا وتلبيسا ، والشيطان هو رأس زاوية الغرور بذريعة الحياة الدنيا «الغرور» والنفس الأمارة بالسوء «الغرور» فحذار حذار من ثالوث الغرور ، الحائر محور الحياة الدنيا ، فانها هي دار الغرور ومجالة الغرور : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) (٣ : ١٨٥) و (... مَتاعُ الْغُرُورِ) (٥٧ : ٢٠) و (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) (٨٧ : ٢٠). ويا له من ثالوث منحوس يثلث ذكره في الذكر الحكيم (٣١ : ٣٣ و ٥٧ : ١٤) وانها لمسة وجدانية صادقة حين يستحضر الإنسان صورة المعركة الصاخبة الدائبة بينه وبين عدوه الشيطان :
(إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ)(٦).
فحين ذكراه يتحفز بكل قواه للدفاع عن نفسه ونفيسه ، دفعا عن كل غواية وإغراء ، مستيقظا مداخل الشيطان الى نفسه ، متوجسا من كل حادثة