فالغض من الصوت أدب صارح ، ورفعه سوء أدب قارح ، إساءة إلى صاحبه كأن لا يحسب صوته صوتا ، وإلى مخاطبه كان يحسبه أصم أو لا يفهم ، فلذلك يشبه بصوت الحمير في كونه أنكر الأصوات ، ولكن اين حمير من حمير ، الحيوان تعلي صوتها قصورا بلا نية سوء ، وحمير الإنسان تعلي تقصيرا وبنية سوء ، ام قصورا عن تقصير مهما لم ينو سوء.
ومن الغض من الصوت ـ بل هو أهمه ـ غضه عما لا يحل ، أن يربط الإنسان لسانه عما لا يعنيه ، فيجعل لسانه وراء قلبه ، دون ان يجعل قلبه وراء لسانه.
هذه عظات غرة ، سلبية وايجابية ، فردية وجماعية ، تأتي في القرآن من لقمان (عليه السلام) كأصول عظاته لابنه وسواه ، وقد يروى عنه عظات أخرى نذكر قسما منها هنا كما يناسب الفرقان :
«قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان لقمان قال لابنه يا بني عليك بمجالس العلماء واستمع كلام الحكماء فان الله يحيي القلب الميت بنور الحكمة كما تحيا الأرض الميتة بوابل المطر» (١).
وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عنه (عليه السلام) كان يقول : إن الله إذا استودع شيئا حفظه» (٢).
وقال (عليه السلام) لابنه يا بني لا تكونن أعجز من هذا الديك الذي يصوت بالأسحار وأنت نائم على فراشك» (٣).
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٦٢ ـ اخرج الطبراني والرامهرمزي في الأمثال عن أبي امامة قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) :
(٢) المصدر اخرج احمد والحكيم الترمذي والحاكم في الكنى والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ..
(٣) المصدر اخرج البيهقي عن الحسن ان لقمان (عليه السلام) قال لابنه ...