مكيات اربع ، قد تكون هذه أخراها ، والباقية هي الروم ولقمان والسجدة.
وقد تربط «الم» العنكبوت وهي المكية الأخيرة ، ب «الم» البقرة وهي المدنية الأولى ، تترابطان هما بمشترك الحروف الرمزية هذه ، بتقارب الجوين ، على تغارب البلدين : مكة والمدينة ، وإلى م ترمز «الم» هنا وهناك وفي الثلاثة الأخرى؟ ما ندري إلّا ما يدرينا الله ، ومن هم المرموز إليهم فيها وسواها من مفاتيح كنوز القرآن.
(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ٢.
إنه لحسبان جاهل قاحل ، ان القول «آمنا» يؤمّنهم عن كل العقبات والعقوبات ، بل هم ـ بمراتبهم ـ يفتنون ، فتنة الذهب بالنار ، وإنها فتنة للمؤمنين على طول الخط ، في الزمن الرسولي والرسالي على مختلف الظروف ، وهي «الفتنة في الدين ، يفتنون كما يفتن الذهب ، يخلصون كما يخلص الذهب» (١) من فتن عقائدية وثقافية وسياسية وأخلاقية واقتصادية اماهيه من فتن هي كلها داخلة في نطاق الدين ، المحلق على كل الحقول الحيوية ، فلقد فتن المؤمنون في العهد المكي بأحرج الفتن ، وعذّبوا بأشد العذاب ، (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)(٢).
__________________
(١)نور الثقلين ٤ : ١٤٨ في اصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن معمر بن خلاد قال : سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول (الم أَحَسِبَ النَّاسُ ..) ثم قال لي : ما الفتنة؟ قلت : جعلت فداك الفتنة في الدين ، فقال : يفتنون ..
(٢) الدر المنثور ٥ : ١٤١ ـ اخرج ابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : نزلت في عمار بن ياسر يعذب في الله (أَحَسِبَ النَّاسُ.) وفيه اخرج ابن المنذر عن ابن جريح قال سمعت ابن عمير وغيره يقولون : كان ابو جهل ـ