أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ٢٧.
(قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) (١٨ : ١٠٩).
لقد تحدثنا عن الثانية في الأسرى بما قد يكفي تفسيرا للأولى وفيها زيادة عنها كالتصريح بأقلام شجرة الأرض ، وسبعة أبحر إضافة إلى البحر ، والثانية خلو عنهما إلّا ضعف البحر وهنا اربعة اضعاف ، مما يؤكد لنا انهما يمثلان الكثرة الكثيرة من الماء المداد ، ولم يذكر فيهما كاتب للكلمات ، وعلّه اشارة إلى انه يحلّق على الجنة والناس أجمعين ان لو كانوا كلهم كاتبين وبأية سرعة ممكنة.
وكما لم يذكر فيهما الأوراق المكتوب عليها ، لمحة إلى كل بساط الأرض بكل ما يمكن ان يكتب عليه ، مهما كانت رءوس الأقلام كأدقّها ، فالكلمات كأنعمها وأرقها.
ففي ذلك المربع ذي الزوايا الشاسعة الشاملة كلما بالإمكان كونه موادا من البحر الحبر وزيادة ، وأقلاما وكاتبين ومكتوبا عليه ، يقول الله (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) وهناك (لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي).
وبالنظر إلى كل قلم في مدى امكانية الكتابة به ، وكل كاتب كما يمكن ان يكتب ، وكل مكتوب عليه من أجزاء الأرض وبسيطها ، ومداد الأبحر الثمانية ، نعرف سعة كلمات الله حيث لا تنفد بهذه الكتابات!
في حين نعلم ان ليترا واحدا من الحبر قد يكتب به بقلم واحد وكاتب واحد وكراسات عدة في خمسين سنة ملايين الكلمات التي تشكل مكتبة ضخمة ، فضلا عن ذلك المربع الشاسع الواسع!
انه ينفذ حبر البحار وأقلام الأشجار وأعمار الكتّاب بكتاباتهم (قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي) و (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).