ولقد أتت «الحكمة» في الذكر الحكيم عشرين مرة ، هي في هذه المرة اليتيمة عطية ربانية للقمان ولم يكن من النبيين ، فقد أوتي الحكمة البالغة دون رسالة ، مما يدل على عظم موقفه تجاه الله ، ولم يكن إلّا عبدا حبشيا فأصبح من سادات السودان (١).
والشكر درجات ارفعها ان يعرف الشاكر النعمة ويعترف بعجزه عن أداء شكرها ، ف «من أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه فقد ادى شكورها» وقد «اوحى الله عز وجل الى موسى (عليه السلام) يا موسى اشكرني حق شكري ، فقال : يا رب وكيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي؟ قال : يا موسى! الآن شكرتني حين علمت أن ذلك مني» (٢).
وكما الحكمة هي بين معرفية وعملية ، كذلك الشكر المفسر لها معرفي وعملي ، أن يحلّق الشكر على الشاكر ككلّ ، فلا تبقى من قالاته وحالاته وفعالاته إلا ترسيمات لمرضاة الله.
__________________
ـ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) (٣٨ : ٢٠) كما وان الحكمة هي من العطيات الربانية لكافة النبيين : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ...) (٣ : ٨١) وان قول لقمان للملائكة : فإني اعلم ان فعل ذلك اعانني وعلمني وعصمني» دليل العصمة لمن اوتي الحكمة من النبيين.
(١) المصدر اخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن يزيد عن جابر قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): سادات السودان اربعة لقمان الحبشي والنجاشي وبلال ومهجع وفيه قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اتخذوا السودان فان ثلاثة منهم سادات اهل الجنة لقمان الحكيم والنجاشي وبلال المؤذن.
(٢) نور الثقلين ٤ : ٢٠١ ـ ح ١ و ٢ عن أبي عبد الله (عليه السلام).