(كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ٥٩.
لقد طبع الله على قلوب هؤلاء الظالمين وأزاغها كما زاغت بتجاهل عارم قاحل لحد تقلّب الحق عندهم باطلا والباطل حقا ، حياة منكوسة مركوسة أرذل من الدواب وأضل.
ف (الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) هنا هم الجاهلون المقصرون ، لا القاصرون المستضعفون ، ولا يطبع الله إلّا على قلوب خالية عن الهدى خاوية عن التقوى ، مليئة من الطغوى (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ).
(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) ٦٠.
«فاصبر» يا رسول الهدى على قولتهم (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ) وعلى فعلتهم المضادة لدعوتك فما أنت إلا نذير (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) في نصرتك : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) وفي عذابهم كما يشاء ويصلح (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) استخفافا عن ثابت الإيمان الإسلام والدعوة الصارمة.
هنا «فاصبر» توطين لخاطر الرسول وقلبه القريح الجريح ، ثم وفي تأويله قد يكون توهينا لسواه تهويلا بمستقبل العذاب كما فعله الإمام امير المؤمنين (عليه السلام) جوابا عن ابن الكوا (٣٩).
وقاله ابو جعفر الباقر (عليه السلام) جوابا عن امره بالخروج المبكّر ولمّا
__________________
(٣٩) نور الثقلين ٤ : ١٩٢ عن تفسير القمي كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يصلي وابن الكوا خلفه وامير المؤمنين (عليه السلام) يقرء فقال ابن الكوّا (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) «فسكت امير المؤمنين (عليه السلام) حتى سكت ابن الكوا ثم عاد في قراءته حتى فعل ابن الكوا ثلاث مرات فلما كان في الثالثة قال امير المؤمنين (عليه السلام): (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ).