تخص الثالثة و (١٣) خاصة بالعصبة ، وهذه الآية وسائر الخطابات إلى (١٧) مثل (١٢) تعم السامعين المتأثرين ، ثم لا ذكر بين هذه وتلك عن الفرقة الرابعة ، مما يدل على مدى انتشار هذه الوقيعة بين مسلمي المدينة ، اللهم إلّا قليل ذكروا في السنة ، ورغم هذه الشهرة العجيبة بين المؤمنين! نرى هذه التنديدات المتتالية ، وأنهم عند الله هم الكاذبون على مختلف دركاتهم في تناقل إفكهم.
وهذا درس للجماعة المؤمنة ان شيوع الإفك على مؤمن ليس دليلا على اقترافه ، اللهم إلّا باعترافه ، بل هو دليل على كذبهم ما لم يأتوا بأربعة شهداء ، «ولو شهد عليه سبعون قسامة فصدقه وكذبهم» (١) لا يعني إلّا أمثال هذه الشايعات غير الثابتات بالشهادة الشرعية.
لقد أفاض حيث خاض في حديث الإفك جمهرة المؤمنين ، فاقتسموا إلى من افك وقبض عليه قبل التوبة فحد القاذف كما قال الله ، كالذي تولى كبره ونفر من عصبته ، ومن أفك وأخذ بعد التوبة فقد يعفى عنه ، ومن لم يأفك مشارفا له ، ولو بقي الجو هكذا لابتلى في خوضه أن يأفك متأثرا بقولة الإفك أولا ، ثم بنقله عن الآفكين ثانيا ، وإلى أن يأفك هو دون سناد إلى نقل ثالثا ، وهذه من خطوات الشيطان!
ولأن الافك عند الله كذب ، فنقله دون تكذيب كذب وان لم يأفك الناقل فضلا عن أن يأفك ، فقول القائل : يقولون ان فلانا زنى ، دون تكذيب ، كذب ، وهو مع التكذيب صدق محبور عند من شاع لديه
__________________
(١) حديث ثابت عن الامام الصادق (عليه السلام).