الجامعة غير المفرقة ، فهم يدعون مثلث الإيمان المستخلص في ثالث أضلاعه : «وأطعنا» ولكن «ثم يتولى» بعد تلك المقالة (فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الدعوى (وَما أُولئِكَ) المتولون «بالمؤمنين» حيث التولي عن طاعة الله والرسول يكذب دعوى الإيمان ، فإنما الإيمان هو الطاعة على درجاتها فدرجاته ، ثم لا يكون إلّا دعوى الإيمان! بنفاق ، أم ارتياب بعد إيمان ، أم ضعف في إيمان! ومهما كان ضعيف الإيمان مؤمنا ولكن (ما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) على حد قولهم (... وَأَطَعْنا) حيث عصوا ، فلم يقل «بمؤمنين» إذ فيهم قليلو الإيمان! وإنما «بالمؤمنين» الخصوص في «أطعنا» ومن توليهم عن طاعة الله ورسوله:
(وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ)(٤٩).
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الحاكم بينهم بما أراه الله : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) (٤ : ١٠٥) وقد أراه الله حكمه بوحي القرآن والسنة ، ف ـ «ليحكم» المفرد مع سابق ذكر الله ورسوله ، يعني حكم الرسول ، بالدعوة إلى الله دعوة إلى كتابه ، والدعوة إلى الرسول دعوة إلى سنته ، والحاكم بالكتاب والسنة بينهم هو الرسول إذ الله لا يوحي إليهم ، ف ـ (إِذا دُعُوا ... إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) عن حكم الله والرسول الذي يحكم به الرسول ، هم معرضون عن حكم الرسول إذ يرون الحق عليهم في ميزان الحق ، ثم هم أولاء (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ) في قضيتهم (يَأْتُوا إِلَيْهِ) الرسول «مذعنين» بطاعة الله وصدق والرسول ، مذعنين بحكمه ، وفي الحق لا يأتون إلى الرسول إذ لا يأتون إلّا إذا وافق حكمه هو أهم! فهم إذا يأتون هواهم ، دون هداهم.
وقد أنزل الله هذه الآيات تنديدا بهؤلاء المتولين العصاة فقال الرسول