خفيت أو جلت : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)؟
ثم المادة بحذافيرها هي تراكيب من نور ، فقد استطاع البشر بعد تحطيم الذرة أن يلمس إشعاعات منها منطلقة لا قوام لها إلّا النور ، ولا مادة لها إلّا النور ، فذرة المادة مؤلّفة من كهارب واليكترونات تنطلق عند تحطيمها في هيئة إشعاع قوامه هو النور ، إذا فما هي حالة المادة إلّا بسطا من الذرة وإلى المادة ألأمّ ، حيث التركيب فيها ثنائيّ كأبسط ما يمكن في المادة؟ إنها أمّ النور ونور النور ، فمادة الكون (نُورٌ عَلى نُورٍ) وكما الهداية الإلهية نور على نور وأين نور من نور؟
ويحق لنا القول : إن الكون كله بمادته ومعناه يفسر آية النور ، فأصل الكون نور أخرج عن ظلمات العدم : إيجاد المادة الأولية لا من شيء ، والمادة من البداية إلى النهاية نور تدليلا على مكونها وتركبا من إشعاعات ، وتجهزا بقوانين تربّيها ، واستعدادا تربويا للهداة إلى الله ، ووحيا إلى قلوبهم دلالة الطريق وهدى إلهية ـ وكلها إلهية ـ إيصالا إلى المطلوب : مسبع النور في السماوات السبع والأرضين السبع وما فيهن وما بينهن!
لنأخذ من المادة النور ما نعرفه ونألفه : قطرة من الماء نكبّرها تحت المكبرة إلى (١٥) سنتيمترا ، فتصبح كثيرة الارتجاف ، ظاهرة عليها ألوان قوس قزح ، ثم إلى (١٧٠ سم) لا نرى فيها إلّا الماء ، ثم إلى مائة ميل فحينئذ تظهر جواهر الماء الصغيرة ، وكل جوهر منه صغير أصبح كالجوزة حجما وقطره ٥ / ٢ سم ، وهذا يعني أن جوهر الماء لا يمكن قسمته إلى قسمين كل منهما ماء ، ولا تحليله إلّا إلى العناصر التي تركب منها ، وهذا