فلما ذا خصوص الإضافة إلى السماوات والأرض ، فإنما (اللهُ نُورُ) قبل الخلق وبعده ، وإنما هي من صفاته الفعلية ، ـ دون الذاتية ـ كالخالقية والمدبرية وأنه الهادي بمظاهرها الثلاثة (١).
وكما ليس لذاته مثل ، كذلك ليس لأفعاله وصفاته ، فليس ـ إذا ـ لنوره الفعلي مثل فضلا عن ذاته : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) فهل ليس له مثل كما ليس له مثل؟ (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٣٠ : ٢٧) فإن المثل هو الآية ، وفي كل شيء له آية ، من أدنى فأدنى ، ومن أعلى فأعلى ، آية على ألوهيته وربوبيته وهدايته أمّاذا من شئون رحمته الرحمانية والرحيمية.
أترى أن لنورانيته في التكوين والتشريع مثلا كما لسائر إلهيته؟ آية له في التشريع والتكوين مثلا ، وإن لم يكن له مثلا؟ اللهم لا ، إذ لا يتمثل أحد من خلقه فيهما فلا مكوّن سواه ولا مشرّع سواه ، إلّا في هداية شرعية تمثّل هداه ، فكل شيء مثل له آية على ربوبيته ، ولا شيء مثلا في تكوينه وتشريعه ، اللهم إلّا على وحدته فيهما ، إلّا في الهداية الشرعية ، فوحيه تعالى وحملته المعصومون هم مثل نوره فيها ، دون تمثّل في تكوين ولا تشريع: (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ) (٣ : ١٤٤) (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (٢٨ : ٥٦) (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) (٣ : ١٢٨) (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) (٤٢ : ٤٨)! ولان المثل هو الآية ، وفي الكون له مثلث الآية تكوينا وتشريعا وشرعة ، فقد يعمها (مَثَلُ نُورِهِ) ولكنه في مثاله «كمشكاة» يعني ثالث ثلاثة وهم حملة الشرعة بوحي الرسالة.
__________________
(١) تكوينية ـ تشريعية ـ شرعية.