(وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) ٧٨.
ترى من هم المراجع للضمائر الجامعة الإحدى عشر؟ أهم كل (الَّذِينَ آمَنُوا) المأمورون في سابقة الآية؟ وليس حق الجهاد إلا لأحق المجاهدين! ولا يشمل الاجتباء كل المؤمنين! ولا أنهم كلهم من ولد ابراهيم! وما هم مسمّين ككلّ مسلمين من قبل مهما سمّوا في هذا مسلمين! ولا انهم شهداء على الناس ككل بمن فيهم من غير العدول!.
وعلّ هذه الخمس تكفي دليلا باهرا ان المخاطبين في هذه الإحدى عشر هم جماعة خصوص من المؤمنين ، تناسبهم هذه المواصفات وكما في آية البقرة : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ..) (١٤٣).
١ (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) الجهاد هو بذل المجهود واستفراغ الوسع في دفع العدو ، وهو في الله عبارة عن دفع ما سوى الله الذي يمانع عن سبيل الله ويصدّ عنها ، وهو كل شيطان مريد ، انفسي كالنفس الامارة بالسوء والهوى وآفاقي ككل شياطين الجن والانس فهكذا (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (٢٩ : ٦٩) وذلك هو تقوى الله حقا : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) (٣ : ١٢٤) الجهاد القمّة الطليقة والتقوى القمة المطلقة.
وعلى حد المروي عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله» (١) وكما سماه الجهاد الأكبر حين سمى
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣٧١ ـ اخرج ابن مردويه عن فضالة بن عبيد قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)