كما بين وجه الله وسواه.
والوجه من كل شيء ما يواجه شيئا او يواجه بشيء ، فيختلف حسب اختلاف الأشياء والمواجهات ، فلا يقاس وجه الرب الإله بسائر الوجه ، كما لا تقاس اقامة الوجه إليه وتسليمة لديه بسائر الوجه.
فوجه الرب هو الوجهة التربوية التي يواجه الله بها خليقته يوم الدنيا والآخرة ، ويواجهونه بها في الدنيا والآخرة ، فبوجه الله من الوجهة التشريعية يدعون ربهم بالغداة والعشي ، وبهذه الدعوة يريدون الوجهة التربوية ليوم الدنيا تقربا إليه وتكرما لديه ، وحظوة مما عنده من حياة ايمانية ، فالمؤمن دنياه آخرة! وليوم الآخرة الوجهة التربوية ثوابا عند الرب وزلفى ، واجهات خمس هي كلها وجه الرب (١) حيث يريدونه بدعوتهم ربهم بالغداة والعشي! كما (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (٨٩ : ٢٢) يعني الوجهة التربوية الاخروية التي تخصها دون الدنيا ، والدنيوية تخصها دون الاخرى! فليس وجه الرب وجها عضويا لذاته المقدسة ، فلا أحد يقول به ، ولا من المشبهة المجسمة ، الذين يثبتون لله سبحانه أبعاضا مؤلفة وأعضاء مصرّفة ، ومن ثم لوجه الله معنى غير ما يعنيه وجه الرب على اشتراكهما في وجه.
فلانك كأول العابين وكرسول لا تعني من الحياة جاها ولا متاعا ولا عرضا من الحياة الدنيا ، وانما وجه ربك ، فاصبر نفسك مع الذين يريدون وجهه ، تناسبا فتناسقا وتناصرا في هذه السبيل.
(وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا)
العينان لهما عدو ومد ، وعينا أهل الله لا تمدان الى غير الله واهله ، وما
__________________
(١) فللرب وجه يوم الدنيا : شرعته ـ التقرب اليه بها ـ الحظوة بهما يوم الدنيا ـ ووجه يوم الآخرة ـ قرباه الحظوة الثواب.