و (أَزْكى طَعاماً) هنا تشمل زكاة الحل وزكاة الطهارة والطيبة قدر الإمكان فما لا يدرك كلّه لا يترك كله (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥ : ٣) ومنه في (فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ) راجع الى الورق والى الطعام ، رزق من الورق دون زيادة عليه وان كان النقص منه ، ورزق من الطعام كبلغة الحياة دون زيادة عليها ولا اقل منها.
ومن ثم تتبين هذه الحائطة من «وليتلطف» تكلّفا لإخفاء امره ، ورفقا ولينا في المعاملة تجنبا عن المشاجرة التي هي من اسباب التفتيش عنه فعنهم ووا ويلاه! (وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) إن شعروا به ام ماذا؟ فليكن صلبا صلدا لا يمد الى احد شعرة واشعارا فشعورا مهما أفرغت عليه الضغوط ولحد الموت ، حفاظا على ايمانه وعلى دماء ونفوس الآخرين :
(إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) ٢٠.
الظهور على هو التطلع علما وواقعا ، فليس العلم بهم دون الوصول إليهم ظهورا عليهم ، ولا الوصول إليهم دون علم بهم ظهورا عليهم ، إنما هو الوصول المطلع كما (الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) تعنيه ، فلا علم الطفل دون بلوغ الحلم بعورات النساء يكفي فرض الحجاب عنهم ، ولا الوصول الى عوراتهن دون علم انها مواضع الشهوات يكفي ، وانما الظهور على العورات علما بها وامكانية الوقاع!
إن أشعر هذا المبعوث بكم ، تخللوه الى العلم بكم اطلاعا عليكم وهم بعاد ، ثم التطلع عليكم حتى تصبحوا في قبضتهم فيقع المحظور بين أن «يرجموكم» قتلا فضيحا منفورا مطرودا ، ولكي يشتركوا فيه كلهم إذا كانوا كلهم مشركين ، ام وأشد تنكيلا (أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ) حملا على الإشراك وان في ظاهر الحال حيث العقيدة لا تقبل الإكراه.