أمام المعلم كما يراه لصالح التعليم ، تأدبا أمام موسى الرسول (عليه السلام) كما تأدب هو أمامه مع أنه إمامه في الشرعة الإلهية!
إذا فلا سؤال فيما يأتي من امره كيفما كان (حَتَّى أُحْدِثَ) دون سؤال (لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) هو اجابة عن كل سؤال على أية حال في هذه الرحلة العلمية إحداثا منه وابتداء دون سؤال! ويا لها من صعوبة ان موسى الرسول المحيط خبرا بكل ما يفعل او يقول ، او يؤتى أمامه عن اي فاعل او قائل ، أن يسكت طول هذه الرحلة عن مجاهيل الأمر ، على احتمال ان فيه نكرا او إمرا!
لكنه مأمور لمواصلة هذه الرحلة ، وهكذا مأمور معذور إلّا فيما لا يعذر ، فعليه التحمل ما لم يكن حملا لا يحمله الشرع والعقل ، فيرضى موسى محتاطا في صبره وعدم عصيانه وسؤاله ب (إِنْ شاءَ اللهُ) رقابة تامة على ظاهر الشرعة ، وعلى ضوءها ما يحدث في رحلته مواصلة لها ، وقد يتناسى لرعاية الشرعة لزوم صبره وإن كان على أمر إمر ، وخضر يستأجله في تأويل ما لم يحط به خبرا ، ولكنما التعود على الالتزام بظاهر الشرع ولرسول معصوم لا يمهله ان يصبر حيث يراه إهمالا للشرع! ..
(فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً)(٧١)
«فانطلقا» هنا دون «انطلقوا» دليل ان موسى ترك فتاه في الملتقى ، ولأن الانطلاق هو التخلي عن وثاق كما الطلاق تخلية عن وثاق ، فقد كان وثاق حتى الملتقى فمن هناك الانطلاق ، وثاق موسى بفتاه ، ووثاقه بعلم الظاهر ، ثم وثاق خضر بوحدته وبعلم الباطن ، «فانطلقا» يعني لكلّ انطلاقين والى مجمع بحري الظاهر والباطن :
(... حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ) .. «السفينة» معرفة تلمح أنها