إنه هنا موسى بن عمران كما في سائر القرآن ، وقد ابتلى بسفره النصب بسبب منه حيث خيّل إليه أنه أعلم ممن سواه في علمي الظاهر والباطن ، فقد وكلّ موسى بعلم لا يطيقه خضر كما وكلّ خضر بعلم لا يطيقه موسى فليتعلم كلّ ما عند الآخر ليكتمل بما عند الآخر كما وعلّ آصف بن برخيا وزير سليمان كان أعلم منه حيث آتاه عرش بلقيس قبل ان يرتد إليه طرفه ، وكان آصف من أمته في الشرعة الظاهرة.
فعلم الشرعة الظاهرة وعلم الباطن قد يفترقان كما في موسى وخضر وسليمان وآصف وقد يجتمعان كما في أهل بيت الرسالة المحمدية (صلّى الله عليه وآله وسلم) وكما قد ينتفيان كمن يجهلهما وحيا أمّاذا؟.
وخضر هذا نبيا كان ام غير نبي هو كلقمان (١) كان أعلم من موسى بن
__________________
ـ مليح قد قيل إذا حيي هذا الحوت في مكان فصاحبك هنالك وقد أدركت حاجتك ..
وفي نور الثقلين ٣ : ٢٧ ج ١٢٨ في تفسير القمي وفي العياشي عن أبي عبد الله (عليه السلام) وكان سبب ذلك انه كلم الله موسى تكليما وانزل عليه الألواح وفيها كما قال الله عز وجل (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) رجع موسى (عليه السلام) الى بني إسرائيل فصعد المنبر فأخبرهم ان الله عز وجل قد انزل عليه التوراة وكلمه وقال في نفسه : ما خلق الله خلقا اعلم مني فأوحى الله عز وجل الى جبرئيل (عليه السلام) أدرك موسى قد هلك واعلمه ان عند ملتقى البحرين عند الصخرة رجل اعلم منك فصر اليه وتعلم منه فنزل جبرئيل (عليه السلام) على موسى (عليه السلام) وأخبره فذل موسى في نفسه وعلم انه اخطأ ودخله الرعب وقال لوصيه يوشع : ان الله عز وجل قد امرني ان اتبع رجلا عند ملتقى البحرين وأتعلم منه فزود يوشع حوتا مملوحا فلما خرجا وبلغا ذلك المكان وجدا رجلا مستلقيا على قفاه فلم يعرفاه ، فاخرج موسى الحوت وغسله الماء ووضعه على الصخرة ومضيا ونسيا الحوت وكان ذلك الماء ماء الحيوان فحيى الحوت ودخل الماء :
(١) تتضارب الروايات هنا في ان خضر كان نبيا او لم يكن نبيا ، ولا دلالة في هذه الآيات على نبوته ، ولا اثر عنه في ساير القرآن.