في المكيات ، ثم هي بين دالة على مكيتها او غير دالة على مدنيتها فقد تكون مكية كلها كما يقتضيه طبع الألفة والتأليف.
(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(١).
هنا إجمال عن الرحلة المعراجية الى أقصى اعماق الفضاء ، وفي التكوير إجمال اخصر مما هنا : (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) ثم ينجم تفصيلها في النجم : (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) مثلث بارع رائع عن هذه الرحلة الرهيبة الخارقة ، يفسر بعضها بعضا وينطق بعضها على بعض ، مهما اختلفت فيها الروايات فلتعرض على القرآن لكي تنحو نحو القرآن.
«سبحان» خير بداية تتلو خير ختام (الْحَمْدُ لِلَّهِ) تبدأ بها سورة السبحان الأسرى ـ بني إسرائيل ، كأليق حركة نفسية نفيسة تتسق مع واقع الاسراء وجوه اللطيف ، وأحرى حالة روحية حيث يبلغ صاحبها إلى الأفق الأعلى المبين.
و «سبحان» علم للتسبيح منحصر في الله ومنحسر عن غير الله ، فانه التنزيه المطلق (١) ، فليختص بالنزيه المطلق ، وليس مطلق التنزيه حتى يشمل من سوى الله من الكاملين ، وان في أعلى قمم الكمال
__________________
ـ الا «وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ...» «وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ ...» «وَإِذْ قُلْنا لَكَ ...» «وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي ...» «إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ...» وآية الاستفزاز تشهد أنها مكية كآية الإدخال وسواهما لا تشهد انها مدنية. وعن قتادة والمعدل عن ابن عباس إلا ثماني هي «وَإِنْ كادُوا ... الى «وَقُلْ رَبِّ ..».
(١) تفسير روح المعاني ج ١٥ ص ٣ في العقد الفريد عن طلحة قال : سألت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن تفسير سبحان الله فقال : تنزيه لله تعالى عن كل سوء.