كل آمر ومريد سوى الله ، حيث يحتاج في تحقيق مراده الى مقدمات قد لا يقدر عليها ، او تحتاج الى مضي زمن ام ماذا ، ولكن الله ليس أمره إذا يأمر إلّا واحدة. ارادة واحدة لكل وحدة خلقية ، دون حاجة الى معدات اخرى.
ف (أَمْرِ رَبِّي) يعني فيما يعني : أن الروح «خلق من خلق الله ، وانه يزيد في الخلق ما يشاء» (١).
وآية الخلق والأمر لا تعني الا إيجاد الكون وتدبيره انهما من الله ، لا أنه الخالق والمدبر غيره ، او انه المدبر والخالق غيره وكما تبينه الآية نفسها.
فعالم الخلق هو الارادة التكوينية لاي شيء مكوّن ، وعالم الأمر هو الإرادة التدبيرية لاي مكون ، دون تفلت وتخلف هنا وهناك.
ان تفسير الأمر بإيجاد المجردات تنافي اللغة والآيات ، فالأمر شيء وفعل ومقابل النهي ، ف (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) لا يعني انه من شيء ربي ، انه جزء من الشيئية الربوبية ، وانما من فعل ربي وارادته ، كما ان العالم كله من فعله وارادته ، سواء كان متدرج الكون ام دفعي الكون ، فالمادة الاولية دفعية الوجود ، وغير الاولية منها دفعية ومنها تدريجية ، وتفسير الأمر التكوين لله بانه كلمح البصر او اقرب لا يعني إيجاد المجردات ، وانما الإيجاد اي إيجاد ، فلا تدرج في حصول مرادات الله ، مهما نرى تدرجا في خلق الله! ف (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ : فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٣٦ : ٨٣).
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٢١٥ ح ٤٢٥ في تفسير العياشي عن زرارة قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله «وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي» قال : خلق ...