٢٠) فلم يقل «إلا المؤمنين» وهذه الفرقة من المؤمنين هم المعنيون بآية النحل (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (١٦ : ٩٩) إيمانا يتوكل فيه على الله ، فبالإيمان يخلص وبالتوكل يصبح من العباد المخلصين فليست هذه القلة إلّا المعصومين! وهم عباد الله حقا إذ لا نصيب منهم للشيطان (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (١٧ : ٦٥).
فالشيطان بين سلطان مطلق واحتناك لبني الإنسان ، وبين عباد مخلصين ليس له عليهم سلطان ، ثم بينهما عوان للشيطان عليهم سلطان قل او كثر.
وترى ذلك الاحتناك يخص بني آدم دون سواهم من المكلفين حيث النص : (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً)؟ ... ان الشيطان يطمح في احتناك ذريته كأصول لدعوته ، انتقاما من تكريم آدم عليه ولأنه شيطان ، فهو شيطان بالنسبة للمكلفين كافة كما الآيات الأخرى تشملهم ف (إِنَّ عِبادِي ...) لا يخص بني آدم!
(قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً)(٦٣).
«اذهب» أمر ليس دفعا الى الإضلال لا تكوينا ولا تشريعا ، بل هو سماح وإنظار يتبعه إنذار (فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ ...) فهو امر تهديدي في معنى أشد النهي تشريعيا لمن لا يحن الى هدى ولا يرجى منه الاهتداء فيطرد تحديا ، وتهديدا ، مهما يحمل إمهالا تكوينيا كما في نظائره : (قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ) (٢٠ : ٩٧).
والجزاء الموفور هو الوفاق وفر العدل ، دون أن ينقص ما يستحقونه شيئا أو يزيد ، وقد يعني أنهم مهما كثروا فجهنم لهم جزاء موفور لا تضيق