وفي سائر القرآن آيات عدة تنهى عن اتباع الظن (١) وتامر باتباع العلم او اثارة من علم (٢).
«لا تقف» من القفو : الإتباع المختار (٣) لفظيا او فكريا او عقيديا او عمليا ، فنقل غير المعلوم دون نقد قفو ، واعتقاده قفو والعمل وفقه قفو وأنت في كل ذلك مسئول ، دون فرق بين الأصول والفروع في صيغة النهي (٤) ولا صبغة الفطرة السليمة ، تجاوبا بين كتابي التكوين والتشريع في لزوم اتجاه الإنسان الى صلب الواقع ما وجد إليه سبيلا.
وهنا «علم» وليس «العلم» لكي تشمل درجات العلم مما تطمئن النفس ، ظنا متآخما الى العلم ، ثم علما : من علم اليقين او عين اليقين او حق اليقين ، سواء أكان علما لك ميسورا بما تبرهن من براهين ، او علما لمن تعلمه عالما ثقة فتتبعه فيما لا تجد لنفسك سبيلا ، فهذا علم بعلم ، وذالك علم ، فيشملهما «علم» كما شمل سائر ما يطمئن الإنسان.
وترى ان الآيات هي مظنونة الدلالة ومنها هذه ، فكيف يستدل بها
__________________
(١) راجع ص ٤٣٢ ج ٢٧ من الفرقان تحت عنوان : كلام في العلم والظن.
(٢) راجع ص ١٠ ... تحت عنوان : كتاب او اثارة من علم.
(٣) حيث الإتباع أعم من المخير والمسير ، المكروه والمختار ، ولكنهما القفو هو المختار فقط ولذلك اختير على الإتباع.
(٤) لا سيما ان هذا النهي واقع بين احكام فرعية من واجبات ومحرمات ، وليس فيها من اصول الذين الا «أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ» أولا وأخيرا وليربط كافة الفروع الى اصل الأصول : التوحيد ، وأيضا لا يصلح هذا النهي للتقيد فإنه من القضايا التي قياساتها معها ، فما ليس للإنسان به علم وله طريق الى العلم لا يقفي ويصطفى غير المعلوم على المعلوم ، ثم وليس هناك ادلة من كتاب أو سنة تسمح باتباع غير العلم حتى تأتي مقيدة للآية ، فإن موارد الأصول العملية هي الشك الذي لا طريق فيه الى العلم والمكلف بين نفي واثبات ، وهذه الموارد خارجة عن نطاق الآية فانها تختص بما يوجد فيه طريق الى العلم.