ثنيّ فيه القول يتكرّر كذا ورد في أحد وجوه تسمية فاتحة الكتاب بها وقد مرّ لها معان اخر في سورة الحجر وانّما وصف الواحد بالجمع لأنّ الكتاب جملة ذات تفاصيل وان جعل مثاني تميزاً لمتشابهاً يكون المعنى متشابهة تصاريفه قيل الفائدة في التكرير والتّثنية انّ النفوس تنفر عن النصيحة والمواعظ فما لم يكرّر عليها عوداً بعد بدء لم يرسخ فيها.
أقولُ : وهو قوله سبحانه وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَتَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ تنقبض وتشمئزّ خوفاً ممّا فيه من الوعيد وهو مثل في شدّة الخوف.
في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : إذا اقشعرّ جلد العبد من خشية الله تتحاتّ عنه ذنوبه كما يتحاتّ عن الشجرة اليابسة ورقها ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ تطمئنّ إليه بالرّحمة وعموم المغفرة ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ ومن يخذله فَما لَهُ مِنْ هادٍ يخرجه من الضلال.
(٢٤) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ يجعله درعه يقي به نفسه لأنّه يكون مغلولة يداه الى عنقه فلا يقدر أن يتّقي الّا بوجهه سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ كمن هو آمن منه فحذف الخبر كما حذف في نظائره وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ أي لهم فوضع الظاهر موضعه تسجيلاً عليهم بالظّلم واشعاراً بالموجب لما يقال لهم ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ أي وباله.
(٢٥) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ من الجهة التي كانت لا تخطر ببالهم انّ الشرّ يأتيهم منها.
(٢٦) فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ الذلّ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا كالمسخ والخسف والقتل والسّبي والاجلاء وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ المعدّ لهم أَكْبَرُ لشدّته ودوامه لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ. لاعتبروا به واجتنبوا عنه.
(٢٧) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ يحتاج إليه النّاظر في أمر دينه لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يتّعظون به.