باستعمالها في كل باب ، ومن ثم (جاءَهُمْ نَصْرُنا) ـ (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) (٣٧ :) ١٧٣) ولكنما الشدائد في هذه السبيل الشاقة الطويلة الملتوية المليئة بالأشلاء والدماء ، إنها لا يصمد لها إلّا الواثقون بوعد الله ، الصادقون في إيمانهم بالله ، فهم ـ إذا ـ لا يتخلون عن الدعوة إلى الله مهما بلغت بهم الشدائد وحتى إن ظن الكافرون أنهم كذبوا ، وزلزل المؤمنون انتظارا للانتصار.
وكيف يستعجل الداعية أجل النصرة وهو يواجه طواغيت يملكون المال والقوة واستخفاف الجماهير واستحمارهم ، ويملكون تأنيبهم بتأليب الجماهير الجاهلة ضدهم.
درسنا في قصص الصديق ألوانا من الشدائد ، في الجب وبيت العزيز وأمام نسوة في المدينة وفي السجن ، فصبر واصطبر دونما زعزعة لعرش رجاءه بنصر الله حتى جاءه نصر الله ، لا على إخوته فحسب ، بل وعلى العزيز والعزيزة ورجال الحاشية وفرعون نفسه ، فيا له من قصص بارع فيه عبرة لأولى الألباب :
(لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(١١١).
«قصصهم» عله ـ فقط ـ قصص يوسف وإخوته : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) وقد يعنيهم وقصص الرسل ككل ، ف (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى) ـ إذا ـ يعم قصص القرآن ككلّ : (كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) (٢٠ : ٩٩) (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) (١١ : ١٢٠).