التّشبيه أو بحساب الجمّل أو بوجه آخر ، مع ملاحظة أن يكون بأسلوب يقبله الطّبع السليم ولا ينكره وأن يخلو من التطويل في الألفاظ المستكرهة. والقيد بالاسم باعتبار أنّ الغالب فيه هو الأسماء وإلاّ فيجوز أن لا يكون المستخرج من المعمّى اسما. والسبب في عدم اشتراط كون المعمّى شعرا فلربما أريد من النظم اسما ، ولما كانت الحروف المعتبرة وهي المكتوبة بينما في الشعر إنما يعتد بالحروف الملفوظة فلذا كانت رعاية المدّ والقصر والتشديد والتخفيف غير لازمة. (في المعمّى) ، فإنّه بمجرّد حصول الحروف مع ترتيب الاسم فالذهن المستقيم ينتقل حينئذ إلى الاسم (المعمّى عنه) ، وكذلك لا عبرة لرعاية الحركات والسكنات (كما هو الحال على العكس في الشعر). ولا بدّ لقائل المعمّى من شيئين : الأوّل تحصيل الحروف التي هي بمنزلة المادة. والثاني : ترتيبها بحسب التقديم والتأخير الذي هو بمثابة الصورة. وأعمال المعمّى على ثلاثة أنواع :
بعضها : خاص بتحصيل المادة ، وهي التي تسمّى أعمال التحصيل.
وبعضها : خاص بتكميل الصورة ، وهي التي تسمّى أعمال التكميل.
وبعضها : عام ليس فيه خصوصية بالمادّة ولا بالصورة ، بل فائدته في تسهيل عمل آخر من أعمال التحصيل أو التكميل. ويقال لها :
الأعمال التّسهيلية. والأعمال التّسهيلية أربعة أنواع : الانتقاد والتحليل والتركيب والتبديل.
وكلّ واحد من هؤلاء مذكور في موضعه.
ويقول في جامع الصنائع : المتقدّمون لهم ثلاثة أنواع من المعمّى :
الأوّل : المعمّى المبدل ، وقلّ ذكر التبديل في اللفظ المذكور.
ثانيا : المعمّى المعدود : وهو الذي يجمعونه بعدد الجمّل للحروف. ومنها يستخرجون الاسم. ومثاله في الشعر التالي وترجمته :
إذا أخذنا عشرة مع الثلاثين وبعدها سبعين |
|
تيقّن بأنّني قد قلت اسمه مائة مرّة |
ويخرج من هذا اسم علي. فالعين ٧٠ واللام ٣٠ والياء ١٠.
ثالثا : المعمّى المحرّف : وهو أفضل الأنواع. وهو يكون بطريق الإيهام وقطع الحروف ووصلها بألفاظ أخرى ، فيصير الاسم معلوما. وهذا الفن قد برع فيه مولانا بهاء الدين البخاري ، ثم بلغ به الذروة الأمير خسرو الدهلوي فجعله أكثر لطفا وعلوقا بالقلب ومثاله في الرباعي التالي والكلمة هي : خوندو ومعناها وعاء من الفخّار يخزن فيه القمح. وترجمة الرباعي :
بائع القمح ذاك ، سيّئ المذهب جاء |
|
اسمع اسمه فقد جرح القلب منه |
احذف رأسه كما وصفت (الصقالة) |
|
من تلك الخصلة السّقالة الصغيرة يكون لي الفتح |
فنحصل بطريق الإيهام على اسم خوندو (خابية القمح).
لأنّنا حينما نجعلها بلا رأس أي نحذف الكاف وهو الحرف الأول ونضع بدلا منها (خو : الخشبة التي يقف عليها البنّاءون) فتصير (خوندو : الخابية للقمح) ، فإذا غيرنا الفتحة بالضمّة فتصبح حينئذ الكلمة المطلوبة (خوندو : الخابية).
والإيهام : هو أن يكون للفظ معنيان :
أحدهما قريب والآخر بعيد هو المراد كما هو في السّياق المذكور. فالخابية إذا كانت بدون رأس فذلك يجعل الوصول للغلّة أسهل ولا تعب في استخراجها. وحين نضع (السقالة) عليها