الْمُؤْمِنِينَ (١) رحماء عليهم من الذِّلِّ بالكسر الّذي هو اللينّ لا من الذُّل بالضّمِ الّذي هو الهوان أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ غلاظ شداد عليهم من عَزَّه إذا غلبه يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بالقتال لإِعلاء كلمة الله وإعزاز دينه وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ فيما يأتون من الجهاد والطاعة.
في المجمع عن الباقر عليه السلام والصادق عليه السلام : هم أمير المؤمنين وأصحابه حتى قاتل من قاتله من النَّاكثين والقاسطين والمارقين.
قال ويؤيّد هذا : أن النّبي صلىّ الله عليه وآله وسلم وصفه بهذه الصّفات حين ندبه لفتح خيبر بعد أن ردّ عنها صاحب الرَّاية إليه مرة بعد أخرى وهو يجبّن الناس يجبّنونه لأُعطينّ الرّاية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرّاراً غير فرّار لا يرجع حتّىّ يفتح الله على يديه ثمّ أعطاها إيّاها فأمّا الوصف بِاللين على أهل الإِيمان والشدة على الكفّار والجهاد في سبيل الله مع أنّه لا يخاف لومة لائم فما لا يمكن دفع عليّ عن استحقاق ذلك لما ظهر من شدّته على أهل الشرك والكفر ونكايته فيهم ومقاماته المشهورة في تشييد الملّة ونصرة الدين والرأفة بالمؤمنين وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : يوم البصرة والله ما قوتل أهل هذه الآية حتّى اليوم وتلا هذه الآية وعن النبيّ صلىّ الله عليه وآله وسلم : يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلّئون (٢) عن الحوض فأقول يا ربّ أصحابي أصحابي فيقال لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى.
والقمّيّ انّها نزلت في مهدي الأمة وأصحابه عليهم السلام وأوّلها خطاب لمن ظلم آل محمّد صلوات الله عليهم وقتلهم وغصبهم حقهم.
وفي المجمع ويمكن أن ينصر هذا بأن قوله سبحانه فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يوجب أن يكون ذلك القوم غير موجودين في وقت نزول الخطاب فهو يتناول من يكون بعدهم بهذه
__________________
(١) قال ابن عبّاس تراهم للمؤمنين كالولد لوالده وكالعبد لسيّده وهم في الغلظة على الكافرين كالسّبع على فريسته.
(٢) حلأت الإِبل بالتّشديد تحلئةً وتحلاً طردتها عنه ومنعتها ان تراه وكذلك غير الإِبل.