لا مهتدين ولا ضلّالاً كما مضى بيانه في سورة البقرة عند تفسير هذه الكلمة فَاخْتَلَفُوا باتّباع الهوى وببعثه الرسل فتبعهم طائفة واضرب أخرى وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ بتأخير الحكم بينهم إلى يوم القيامة لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ عاجلاً فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ولتميز المحقّ من المبطِل ولكنّ الحكمة أوجبت أن تكون هذه الدار للتكليف والاختبار وتلك للثّواب والعقاب.
(٢٠) وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ أي من الآيات التي اقترحوها فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ هو المختصّ بعلمه ولِكلّ أمر أجل فَانْتَظِرُوا لنزول ما اقترحتموه إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لما يفعل الله بكم.
(٢١) وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً صحة وسعة مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ كمرض وقحط إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فاجأوا وقوع المكر منهم فِي آياتِنا بالطعن والاحتيال في دفعها قيل قحط أهل مكّة سبع سنين حتّى كادوا يهلكون ثمّ لمّا رحمهم الله بالمطر طفِقوا يقدحون في آيات الله ويكيدون رسوله قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً منكم قد دبّر عقابكم قبل أن تدبّروا كيدكم والمكر إخفاء الكيد وهو من الله تعالى الاستدراج والجزاء على المكر إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ اعلام بأنّ ما يظنونه خافياً غيرَ خاف على الله وتحقيق للانتقام.
(٢٢) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ يحملكم على السير ويمكنكم منه بتهيئة أسبابه فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ في السفن وَجَرَيْنَ بِهِمْ بمن فيها عدل عن الخطاب إلى الغيبة للمبالغة كأنّه يذكر لغيرهم ليتعجب من حالهم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ليّنة الهبوب وَفَرِحُوا بِها بتلك الرّيح جاءَتْها جاءت السفنَ رِيحٌ عاصِفٌ شديدة الهبوب وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ من أمكنة الموج وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ أي أهْلكوا يعني سدّت عليهم مسالك الخلاص كمن أحاطت به العدوّ وهو مثل في الهلاك دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لأنّهم لا يدعون حينئذ غيره مَعَه لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ على إرادة القول.
(٢٣) فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إجابة لدعائهم إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ فاجئوا الفساد