مع قريش إلى بدر وهم على الشّكّ والارتياب والنفاق منهم قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو قيس بن الفاكهة والحرث بن ربيعة وعليّ بن أميّة بن خلفّ والعاص بن المنبّه فلما نظروا إلى قلة أصحاب محمّد صلىَّ الله عليه وآله وسلم قالوا مساكين هؤلاءِ غرهم دينهم فيقتلون الساعة فأنزل الله على رسوله إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
وجاء إبليس عليه اللعّنة إلى قريش في صورة سراقة بن مالك فقال لهم : أنا جار لكم ادفعوا إليّ رايتكم فدفعوها إليه وجاء بشياطينه يهوّل بهم على أصحاب رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم ويخيّل إليهم ويفزعهم وأقبلت قريش يقدمها إبليس معه الرّاية فنظر إليه رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم فقال : غضّوا أبصاركم وعضّوا على النواجد ولا تسلّوا سيفاً حتّى آذن لكم ثمّ رفع يده إلى السّماءِ فقال : يا ربّ إن تهلك هذه العصابة لم تعبد وإنْ شئت لا تعبد لا تعبد ثمّ أصابه الغشي فسرى (١) عنه وهو يسلت العرق عن وجهه وهو يقول هذا جبرئيل قد آتيكم في بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ.
قال فنظرنا فإذا بسحابة سوداء فيها برق لا يح قد وقعت على عسكر رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم وقائل يقول اقدم حيزوم (٢) قدم حيزوم وسمعنا قعقعة السّلاح من الجوّ ونظر إبليس إلى جبرئيل فراجع ورمى باللواءِ فأخذ منبّه بن الحجاج بمجامع ثوبه ثمّ قال : ويلك يا سراقة تفت (٣) في أعضاد الناس فركله (٤) إبليس ركلة في صدره وقال : إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ وهو قول الله وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ : لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ
__________________
(١) سُرِيَ عنه انكشف ويسلت العرق أي يمسحه ويميطه «منه رحمه الله».
(٢) وحيزوم اسم فرس كان لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وفي التفسير اسم جبرئيل أراد اقدم يا حيزوم على الحذف وفي ص حيزوم فرس من خيل الملائكة.
(٣) أي تورد الضّعف والانكسار فيهم وتذهب بقوّتهم وشوكتهم.
(٤) الرّكل ضربك الفرس برجلك ليعدو والضّرب برجل واحدة.