فيه وكل جان يده إلى فيه ثمّ أخذ بشعره يجره فاجتمع إليه الناس فقالوا :
يا أبا الوليد الله الله لا تَفُتَّ في أعضاد الناس تنهى عن شيء تكون أوّله فخلّصوا أبا جهل من يده.
فنظر عتبة إلى أخيه شيبة ونظر إلى ابنه الوليد فقال قم يا بنيّ فقام ثمّ لبس درعه وطلبوا له بيضة تسع رأسه فلم يجدوها لعظم هامته فاعتمّ بعمامتين ثمّ أخذ سيفه وتقدم هو وأخوه وابنه ونادى يا محمّد أخرج إلينا أكفّاءنا من قريش فبرز إليه ثلاثة نفر من الأنصار عوذ ومعوذ وعون بني عفراء فقال عتبة من أنتم انتسبوا لنعرفكم فقالوا نحن بنو عفراء أنصار الله وأنصار رسول الله فقال ارجعوا فإنّا لسنا إيّاكم نريد إنّما نريد الأكفّاء من قريش فبعث إليهم رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم ان ارجعوا فرجعوا وكره أن يكون أوّل الكرّة بالأنصار فرجعوا وواقفوا موقفهم.
ثمّ نظر رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم إلى عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب وكان له سبعون سنة فقال له قم يا عبيدة فقام بين يديه بالسّيف ثمّ نظر إلى حمزة بن عبد المطلب فقال له قم يا عمّ ثمّ نظر إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له قم يا عليّ وكان أصغر القوم سنّاً فقاموا بين يدي رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم بسيوفهم فاطلبوا بحقّكم الذي جعله الله لكم فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها تريد ان تطفي نور الله وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ.
ثمّ قال رسول الله يا عبيدة عليك بِعُتْبَة وقال لحمزة عليك بشيبه وقال لعليّ عليك بالوليد بن عتبة فمرّوا حتّى انتهوا إلى القوم فقال عتبة من أنتم انتسبوا لنعرفكم فقال أنا عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب فقال كفو كريم فقال : فمن هذان فقال حمزة ابن عبد المطلب وعليّ بن أبي طالب فقال كفوان كريمان لعن الله من أوقفنا وإيّاكم هذا الموقف فقال شيبة لحمزة من أنت فقال أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله فقال له شيبة لقد لقّبت أسد الحلفاء (١) فانظر كيف يكون صولتك يا أسد الله.
__________________
(١) الحلفة والحلفاء والحلف محركة النبت المعروف ولعلّ المراد بأسد الحلفاء الأسد السّاكن تحت شجرتها لأنّها تغطيه وهو يمكن فيها ويستأنس بها ويتوطّن عندها فحاصل مراد القائل انّك ملقّب بالأسد تشبيهاً وانا أسد حقيقة نظير قول الشاعر أسد دم الأسد الهزبر خضابه.