فقال لهم : من أنتم؟ قالوا يا محمّد نحن عبيد قريش قال : كم القوم قالوا لا علم لنا بعددهم قال كم ينحرون في كلّ يوم جزوراً (١) قالوا تسعة إلى عشرة.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم القوم تسعمائة إلى ألف قال : فمن فيهم من بني هاشم قالوا العباس بن عبد المطلب ونوفل بن الحارث وعقيل بن أبي طالب فأمر رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم بهم فحبسُوا.
وبلغ قريشاً ذلك فخافوا خوفاً شديداً ولقي عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام فقال له أما ترى هذا البغي والله ما أبصر موضع قدمي خرجنا لنمنع عيرنا وقد أفلتت فجئنا بغياً وعدواناً والله ما أفلح قوم قطّ بغوا ولوددت أنّ ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهب كله ولم نسر هذا المسير.
فقال له أبو البختري إنّك سيّد من سادات قريش فسر في الناس وتحمّل العير التي أصابها محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم بنخلة وَدَم (٢) ابن الحضرمي فانّه حليفك فقال عتبة أنت تشير عليّ بذلك وما على أحد منّا خلاف إلّا ابن الحنظلية يعني أبا جهل فسر إليه وأعلمه أنّي قد تحمّلت العير الّتي أصابها محمّد صلَّى الله عليه وآله وسلم بنخلة وَدَم ابن الحضرمي.
فقال أبو البختّري فقصدت خبأه وإذا هو قد أخرج درعاً له فقلت له إنّ أبا الوليد بعثني إليك برسالة فغضب ثمّ قال أما وجد عتبة رسولاً غيرك فقلت أما والله لو غيره أرسلني ما جئت ولكن أبا الوليد سيّد العشيرة فغضب غضبة أخرى فقال تقول سيّد العشيرة فقلت أنا أقوله وقريش كلّها تقول أنّه قد تحمّل العير وَدَم ابن الحضرميّ.
فقال إن عتبة أطول النّاس لساناً وأبلغهم في الكلام ويتعصّب لمحمّد صلَّى الله عليه وآله وسلم فانّه من بني عبد مناف وابنه معه ويريد أن لا يخذله بين الناس لا
__________________
(١) الجزور بالفتح وهي من الإِبل خاصّة ما كمل خمس سنين ودخل في السّادسة يقع على الذّكر والأُنثى والجمع جزر كرسول ورسل يقال جزرت الجزور من باب قتل أي نحرتها.
(٢) وَدَم بالفتح علم وبطن من كلب في تغلب.