يرعوون عن قبيح ولا يتركون أذى محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم ، قيل يعمي قلوبهم والعمه عمى القلب وهو التحيّر في الأمر.
(١٦) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى : باعوا دين الله واعتاضُوا منه الكفر بالله فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ مَا ربحوا في تجارتهم في الآخرة لأنّهم اشتروا النار وأصناف عذابها بالجنّة التي كانت معدّة لهم لو آمَنُوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ إلى الحقّ والصّوَاب.
أقولُ : ولا لطرق التجارة لأنّ المقصود منها سلامة رأس المال والربح وهؤلاء أضاعوا رأس مالهم الذي هو الفطرة السليمة بما اعتقدوه من الضلالات ولم يربحوا.
(١٧) مَثَلُهُمْ حالهم العجيبة قيل إنّما يضرب الله الأمثال للناس في كتبه لزيادة التوضيح والتقرير فإنها أوقع في القلب وأقمعُ للخصم الألدّ لأنّها ترى المتخيّل محقّقاً والمعقول محسوساً كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً (١) طلب سطوع النار ليبصر بها ما حوله فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ قيل أي النّار ما حول المستوقد أو استضاءت الأشياء التي حوله ان جعلت أضاءت لازمةً ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ بإرسال ريح أو مطر أطفأها وذلك أنَّهم أبصروا بظاهر الإيمان الحق والهدى وأعطوا أحكام المسلمين من حقن الدم وسلامة المال فلمّا أضاء إيمانهم الظاهر ما حولهم أماتهم الله وصاروا في ظلمات عذاب الله في الآخرة لا يرون منها خروجاً ولا يجدون عنها محيصاً وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ في العيُون عن الرضا عليه السلام : أن الله لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه ولكنّه متى علم أنهم لا يرجعون عن الكفر والضلال منعهم المعاونة واللطف وخلّى بينهم وبين اختيارهم.
(١٨) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ : يعني في الآخرة كما قال عزّ وجلّ : (وَنَحْشُرُهُمْ
__________________
(١) قيل يعني بنور المستوقدين إن جعلت جواب لما وبنور المنافقين إن جعلت مستأنفاً أو بدلاً أو يكون جواب لما محذوفاً للإيجاز ومن الالتباس كما في قوله تعالى : فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ ، وإنّما لم يقل بنارهم على الأول لأن المقصود من إيقادها النور. منه قدّس سرّه.