بالإعراض عمّا لا ينبغي المقصود من قوله : لا تُفْسِدُوا والإتيان بما ينبغي المطلوب بقوله آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ : المؤمنون كسلمان والمقداد وأبي ذرّ وعمّار ، وقيل أي الكاملون في الانسانية العاملون بمقتضى العقل أي آمنوا إيماناً مقروناً بالإخلاص مبرّءاً عن شوائب النّفاق ، قالُوا : في الجواب لمن يفيضون إليه لا لهؤلاء المؤمنين فانَّهم لا يجسرون على مكاشفتهم بهذا الجواب ، أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ المذلّون أنفسهم لمحمّد صلّى الله عليه وآله وسلم حتّى إذا اضمحل أمره أهلكهم أعداؤه. أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ الأخفّاء العقول والآراء الذين لم ينظروا حقّ النّظر فيعرفوا نبوّته وثبات أمره وصحّة ما ناطه بوصيّه من أمر الدين والدنيا فبقوا خائفين من محمّد صلّى الله عليه وآله وأصحابه ومن مخالفيهم ولا يأمنون أيّهم يغلب فيهلكون معه فان كلاً من الفريقين يقدّر ان نفاقهم معه كنفاقهم مع الآخر. وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ ان الأمر كذلك وأنّ الله يطلع نبيّه على أسرارهم فيخسئهم ويسقطهم. وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا : بيان لمعاملتهم مع المؤمنين والكفّار بعد بيان مذهبهم وتمهيد نفاقهم فانّهم كانوا يظهرون الايمان لسلمان وأبي ذرّ ومقداد وعمّار.
(١٤) وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ أخدانهم من المنافقين المشاركين لهم في تكذيب الرسول قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ أي في الدين والاعتقاد كما كنّا إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ بالمؤمنين.
(١٥) اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ يجازيهم جزاء من يستهزئ به. امّا في الدنيا فبإجراء أحكام المسلمين عليهم وأمره الرسول بالتعريض لهم حتّى لا يخفى من المراد بذلك التعريض وامّا في الآخرة فبما روي : انّه يفتح لهم وهُم في النار باباً إلى الجنّة فيسرعون نحوه فإذا صاروا إليه سدّ عليهم الباب وذلك قوله تعالى : فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ، رواه العامّة ..
وفي تفسير الإمام عليه السلام ما يقرب من معناه في حديث طويل ، : وَيَمُدُّهُمْ يمهلهم ويتأتّى بهم برفقه ويدعوهم إلى التوبة ويعدهم إذا أنابُوا المغفرة. فِي طُغْيانِهِمْ قيل في التعدِّي عن حدّهم الذي كان ينبغي أن يكونوا عليه يَعْمَهُونَ لا