سبعمائة فنزلوا شعب سلع (١) وذلك في شهر ربيع سنة ست فدعا رسول الله أُسيد بن حصين فقال له اذهب في نفر من أصحابك حتّى تنظر ما أقدم أشجع فخرج أُسيد ومعه ثلاثة نفر من أصحابه فوقف عليهم فقال ما أقدمكم فقام إليه مسعود بن رحيلة وهو رئيس أشجع فسلم على أُسيد وعلى أصحابه وقالوا جئنا لنوادع محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلم فرجع أسيد إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فأخبره فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم خاف القوم أن أغزوهم فأرادوا الصلح بيني وبينهم ثمّ بعث إليهم بعشرة أحمال تمر فقدمها أمامه ثمّ قال نعم الشيء الهدية امام الحاجة ثمّ أتاهم فقال يا معشر أشجع ما أقدمكم قالوا قربت دارنا منك وليس في قومنا أقل عدداً منا فضقنا لحربك لقرب دارنا وضقنا لحرب قومنا لقلتنا فيهم فجئنا لنوادعك فقبل النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم ذلك منهم وأودعهم فأقاموا يومهم ثمّ رجعوا إلى بلادهم وفيهم نزلت هذه الآية الا الذين يصلوا الآية وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ بأن قوّى قلوبهم وبسط صدورهم وأزال الرعب عنهم فَلَقاتَلُوكُمْ ولم يكفوا عنكم فَإِذَا اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فان لم يتعرضوا لكم وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ الاستسلام والانقياد فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً فما أذن لكم في أخذهم وقتلهم.
القمّيّ عن الصادق عليه السلام : كانت السيرة من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قبل نزول سورة البراءة ألا يقاتل إلّا من قاتله ولا يحارب إلّا من حاربه وأراده وقد كان نزل في ذلك من الله سبحانه فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لا يقاتل أحداً قد تنحى عنه واعتزله حتّى نزلت عليه سورة براءة وأُمر بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله الا الذين قد كان عاهدهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكّة إلى مدة منهم صفوان بن أميّة وسهيل بن عمرو والحديث طويل وهو مذكور بتمامه في سورة براءة.
(٩١) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ قيل كانوا يظهرون
__________________
(١) سلع جبل بالمدينة وقول الجوهريّ السلع خطأ لأنّه علم وجبل لهذيل وحصن بوادي موسى من عمل الشويك (ق)