بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ وعيد لهم ولما كان المنكر في الآية الأولى كفرهم وهم يجهرون به ختمها بقوله وَاللهُ شَهِيدٌ ولما كان في هذه الآية صدّهم المؤمنين عن الإِسلام وكانوا يخفونه ويحتالون فيه قال وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.
(١٠٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ قيل نزلت في نفر من الأوس والخزرج كانوا جلوساً يتحدثون فمر بهم ساش بن قيس اليهودي فغاظه تألّفهم واجتماعهم فأمر شاباً من اليهود أن يجلس إليهم ويذكّرهم يوم بغاث (١) وينشدهم بعض ما قيل فيه وكان الظفر في ذلك اليوم للأوس ففعل فتنازع القوم وتفاخروا وتغاضبوا وقالوا السلاح السلاح واجتمع من القبيلتين خلق عظيم فتوجّه إليهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وأصحابه فقال أتدّعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألّف بينكم فعلوا أنّها نزغة (٢) من الشيطان وكيد من عدوهم فالقوا السلاح واستغفروا وعانق بعضهم بعضاً وانصرفوا مع الرسول وانما خاطبهم الله بنفسه بعد ما أمر الرسول بأن يخاطب أهل الكتاب إظهاراً لجلالة قدرهم واشعاراً بأنهم هم الأحقاء بأن يخاطبهم الله ويكلّمهم.
(١٠١) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ إنكار وتعجب لكفرهم في حال اجتمع لهم الأسباب الدّاعية إلى الايمان الصارفة عن الكفر وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ ومن يستمسك بدينه أو يلتجئ إليه في مجامع أموره فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فقد اهتدى لا محالة.
(١٠٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ حق تقواه وما يجب منها وهو استفراغ الوسع في القيام بالواجب والاجتناب عن المحارم.
في المعاني والعيّاشيّ : سئل الصادق عليه السلام عن هذه الآية قال يطاع ولا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر ولا يكفر.
__________________
(١) بغاث : بالعين وبالغين ويثلث : موضع بقرب المدينة ويومه معروف (ق).
(٢) ف إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ ، النزغ : شبيه النخس وكان الشيطان ينخس الإنسان أي يحركه ويبعثه على بعض المعاصي ولا يكون النزغ الا في الشر «مجمع».