يعدّون مفاخر آبائهم ومآثرهم ويذكرون أيامهم القديمة وأياديهم الجسيمة فأمرهم الله سبحانه أن يذكروه مكان ذكر آبائهم في هذا الموضع أو أشدّ ذكراً أو يزيدوا على ذلك بأن يذكروا نعم الله سبحانه ويعدّوا آلاءه ويشكروا نعمائه لأن آبائهم وإن كانت لهم عليهم أياد ونعم فنعم الله سبحانه عليهم أعظم وأياديه عندهم أفخم ولأنّه سبحانه المنعم بتلك المآثر والمفاخر على آبائهم وعليهم فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ فان الناس من بين مقلّ لا يطلب بذكره الا الدنيا ومكثر يطلب به خير الدارين فيكونوا من المكثرين رَبَّنا آتِنا اجعل إيتاءنا ومنحتنا فِي الدُّنْيا خاصّة وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ نصيب وحظ لأن همّه مقصور على الدنيا لا يعمل للآخرة عملاً ولا يطلب منها خيراً.
(٢٠١) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً كالصحة والأمن والكفاف وتوفيق الخير وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً كالرحمة والزّلفة وَقِنا عَذابَ النَّارِ بالمغفرة والعفو.
في الكافي والعيّاشيّ عن الصادق عليه السلام قال رضوان الله : والجنة في الآخرة والسعة في المعاش وحسن الخلق في الدنيا.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام : في الدنيا المرأة الصالحة وفي الآخرة الحوراء. وعَذابَ النَّارِ المرأة السوء وقيل الحسنة في الدنيا العلم والعبادة وفي الآخرة الجنّة ، وعذاب النّار الشهوات والذّنوب المؤدّية إليها.
أقول : كل ذلك أمثلة للمراد بها فلا تنافي بينها.
(٢٠٢) أُولئِكَ في تفسير الإمام : أولئك الدّاعون بهذا الدعاء على هذا الوصف لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا قال من ثواب ما كسبوا في الدنيا والآخرة.
أقول : وإنّما قيل ما كسبوا لأنّ الأعمال أنفسها تتصور بصور حسنة يتنعّم بها صاحبها أو بصور قبيحة يتعذّب بها صاحبها كما ورد في أخبار كثيرة عن أهل العصمة وفي الحديث النبوي : إنّما (هي أعمالكم ترد إليكم) وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ يحاسب الخلائق كلهم على كثرتهم وكثرة أعمالهم في مقدار لمح البصر كما ورد في الخبر ..
وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : معناه انه يحاسب الخلائق