بلا عمل فقال الايمان عمل كله والقول بعض ذلك العمل مفترض من الله مبين في كتابه واضح نوره ثابتة حجّته يشهد له بها الكتاب ويدعو إليه ولما انصرف نبيه إلى الكعبة عن بيت المقدس قال المسلمون للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم أرأيت صلاتنا التي كنا نصلي إلى بيت المقدس ما حالنا فيها وحال من مضى من أمواتنا وهم يصلون إلى بيت المقدس فأنزل الله وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ فسمي الصلاة إيمانا فمن لقي الله حافظاً لجوارحه موفياً كل جارحة من جوارحه ما فرض الله عليه لقي الله مستكملاً لإيمانه وهو من أهل الجنة ومن خان في شيء منها أو تعدى ما أمر الله فيها لقي الله ناقص الايمان.
(١٤٤) قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ أي تردد وجهك في جهة السماء تطلعاً للوحي ، وقيل كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقع في روعه ويتوقع من ربّه أن يحوله إلى الكعبة لأنّها كانت قبلة أبيه إبراهيم وأقدم القبلتين وادعى للعرب إلى الايمان ولمخالفة اليهود فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها تحبها وتتشوق إليها لمقاصد دينية وافقت مشيّة الله تعالى وحكمته فَوَلِّ وَجْهَكَ اصرف وجهك شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ نحوه وإنّما ذكر المسجد اكتفاء بمراعاة الجهة.
والقمّيّ : ان هذه الآية متقدمة على آية سَيَقُولُ السُّفَهاءُ.
وفي الفقيه : أن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم صلّى إلى بيت المقدس بعد النبوّة ثلاث عشرة سنة بمكّة وتسعة عشر شهراً بالمدينة ثمّ عيّرته اليهود فقالوا له إنّك تابع لقبلتنا فاغتمّ لذلك غمّاً شديداً فلما كان في بعض الليل خرج عليه السلام يقلّب وجهه في آفاق السماء فلما أصبح صلّى الغداة فلما صلّى من الظهر ركعتين جاء جبرائيل فقال له قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الآية ثمّ أخذ بيد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم فحوّل وجهه إلى الكعبة وحول من خلفه وجوههم حتّى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال فكان أول صلاته إلى البيت المقدس وآخرها إلى الكعبة وبلغ الخبر مسجداً بالمدينة وقد صلّى أهله من العصر ركعتين فحولوا نحو القبلة فكانت أول صلاتهم إلى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين.