الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ» فالأصل في الحرب هو الغلبة ، وليس الأسر والغنم إلا بعدها وإلا فسوف تغلبون وكما حصل في أحد لما ترك الرماة قواعدهم ناحين منحى الغنائم ولمّا يحن حينها.
وهنا يبرز أن جماعة من المسلمين تطلبوا إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) أن يكون له أسرى وغنم قبل أن يثخن في الأرض بغية الحياة الدنيا ، فاستأصلت هذه الآية تلك البغية الباغية عن كل الرسل والرسالات ، فاتهام النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) نفسه بتلك البغية اقتحام عليه بالتخلف عن السنة الرسالية الثابتة كضابطة ، ثم :
(لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)(٦٩).
ف (فِيما أَخَذْتُمْ) نص على أن جمعا منهم أخذوا أسرى وغنيمة قبل الإثخان في الأرض وكما حصل في أحد ، وهنا (كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ) دليل على أنهم كانوا لو لا كتاب من الله «لمسهم عذاب عظيم».
وهكذا نعلم أن أخذ الأسرى قبل الإثخان في أرض المعركة هو من كبائر المنهيات في شرائع الله كلها ، حيث إن «ما كان ـ و ـ عذاب عظيم» شاهدان اثنان على أممية ذلك الحكم الحاسم في حقل الحروب.
(فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٦٩).
(مِمَّا غَنِمْتُمْ) ليست لتختص بغنائم دار الحرب ، مهما كان الدور هنا دورها ، ف «الحلال ما لا يعصى الله فيه ، والطيب ما لا ينسى الله فيه» (١).
__________________
(١) مجلة العرفان العدد الثالث المجلد ٦١ ص ٣٨٩ عن الصادق (عليه السلام).