مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(١٦)
إنها «سورة التوبة» والبراءة ، براءة ببازغة البراءة فيها (مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وتوبة أمرا لهم ولأضرابهم بها ، وتقبّلا ـ بشروطها ـ لها ، ولأن البراءة قد تبوء إلى التوبة ، دون التوبة الصالحة حيث لا تبوء إلى براءة ، فقد سميت بالتوبة تغليبا لها على البراءة ، مهما بزغت تأليبا بالبراءة ، ولذلك نراها تبدء دون بسملة ، فإنها لكل أمر ذي بال ولا بال للبراءة إلا إذا آلت إلى توبة ، وقضية الأمر بين أمرين ترك البسملة وأن تسمى بالتوبة وقد فعل.
نزلت تاسعة الهجرة بعد الفتح وبعد ما رجع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) من غزوة تبوك إنذارا للمشركين حتى يحسبوا كل حساباتهم بعد طائل هذه الهجرة الهاجرة وبعد عمرة الجعرانة.
والتشكيك في أنها والأنفال سورتان أم واحدة لا مجال له ، وقد جاءت فذّة بعد الأنفال في كافة القرائين (١) ، إضافة إلى العديد الجديد للآيات ، وهو دليل سديد على استقلالها عن الأنفال ، وهكذا تواتر الروايات عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأئمة أهل بيته (عليهم السلام) بصيغة «سورة التوبة» أو «البراءة» (٢) ولا تسمى شطر سورة سورة.
وقد أصفق الفريقان (٣) دون اختلاف على نقل وتصديق رواية البراءة
__________________
(١) في الدر المنثور ٣ : ٢٠٨ عن عسعس بن سلامة قال قلت لعثمان يا أمير المؤمنين ما بال الأنفال وبراءة ليس بينهما «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» قال : كانت تنزل السور فلا تزال تكتب حتى تنزل «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» فإذا جاءت «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» كتبت سورة أخرى فنزلت التوبة ولم تكتب «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» وفيه عن أبي عطية الهمداني قال كتب عمر بن الخطاب تعلموا سورة براءة وعلموا نساءكم سورة النور.
(٢) المصدر أخرج الطبراني في الأوسط عن علي (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): المنافق لا يحفظ سور هود وبراءة ويس والدخان وعم يتساءلون.
(٣) قد أخرج حديث البراءة فيمن أخرج ـ أن عليا (عليه السلام) هو المبعوث باذان البراءة ـ ثلاث وسبعون من أئمة الحديث وحفاظه بعدة طرق ذكرهم العلامة الاميني في الغدير كما يلي : ثم وآخرون ذكرهم في ملحقات إحقاق الحق (٥ : ٣٦٨ ـ ٤٦٨) و (١٦ : ٢٢١