ثم وهذه الخاصة هي الغنيمة المحلّلة الخاصة بما بعد الإثخان في الأرض ، وأما الغنيمة قبل الإثخان فمحظورة غير محلّلة ومن الغنيمة غير المحظورة إضافة إلى سائر غنائم الحرب أخذ الفداء من الأسرى وكما خيّر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في آية محمد (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) وليس قتل الأسرى واردا في شرعة الله ، بل هم داخلون بعد الأسر في مدرسة داخلية إسلامية هي بيوت المسلمين ، يعاملون فيها كما يعامل سائر الأهلين ليلمسوا الخلق الإسلامية المجيدة فينجذبوا إليه ، فرواية التخيّر في قتلهم أو فداءهم لا تصدّق ، لا سيما وأنها تخالف التخير بين المن والفداء ، إذا فالله ورسوله من أمثال هذه الروايات براء!
ذلك ، ومما يشهد صراحا لحظر قتل الأسرى الخطاب التالي :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧٠).
ف «الأسرى» هنا كل أسرى الحرب من كافة الكفار مشركين وأهل كتاب ، قل لهم : (إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) وهو نور الهدى الفطرية غير المستورة بعد ، القابلة للاهتداء إلى الحق في هذه المدرسة الداخلية الإسلامية السليمة ، مما يدل أن خيرا في قلوب الأسرى الكفار يبشرهم بخير من الله فكيف ـ إذا ـ يقتلون.
ف (خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ) هو الهدى والمال ، فقد أخذت منهم أموال فيؤتيهم الله أموالا بعد إيمانهم هنا وفي الأخرى ، وأخذت منهم حريتهم الكافرة فيؤتيهم الله بعد إيمانهم حرية مؤمنة (وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(١).
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ١٦ : ٢٠٤ قال ابن عباس نزلت هذه الآية في العباس وعقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث. كان العباس أسرا يوم بدر ومعه عشرون أوقية من الذهب أخرجها ليطعم الناس وكان أحد العشرة الذين ضمنوا الطعام لأهل بدر فلم تبلغه التوبة حتى أسر فقال العباس : كنت مسلما إلا أنهم أكرهوني فقال (صلّى الله عليه وآله ـ