أية حال لهما «فتنة لكم وإمتحان» ، ف قد اختبرهم الله بالمخمصة ، وابتلاهم بالمجهدة ، وامتحنهم بالمخاوف ، ومخضهم بالمكاره ، فلا تعتبروا الرضا والسخط بالمال والولد جهلا بمواقع الفتنة والاختبار في موضع الغنى والاقتدار فقد قال سبحانه وتعالى : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) فإن الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين في أنفسهم بأوليائه المستضعفين في أعينهم (الخطبة ١٩٠).
ذلك ومن فتنة الخير الولد الصالحون ، وقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يخطب على المنبر فجاء الحسن والحسين (عليهما السلام) وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) من المنبر فحملهما ووضعهما على يديه ثم قال : صدق الله حيث قال : (أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)(١).
و «انما» قد تحصرهما في امتحان ، وهما من الأمانات الربانية من أداها كما أمر وقرر فقد نجح ، ومن خانها فقد سقط ، (وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) على الحسنات التي تقدمونها بأموالكم وأولادكم وسواهما ، فلتكن الأموال والأولاد ذريعة لكم إلى يوم المعاد.
ف (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) (٣ : ١٨٦) ـ (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى) (٣٤ : ٣٧) إلا ما تقدمونه في الله لأنفسكم ، ف (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) (٢ : ٢٢٣) (تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) (٦١ : ١١).
__________________
ـ على رجل مال فجحده إياه وذهب به ثم صار بعد ذلك للرجل الذي ذهب بماله مال قبله أيأخذه منه مكان ماله الذي ذهب به منه ذلك الرجل؟ قال : نعم ، ولكن لهذا كلام يقول : اللهم إني آخذ هذا المال مكان مالي الذي أخذه مني وإني لم آخذ ما أخذت منه خيانة ولا ظلما.
(١) نور الثقلين ٢ : ١٤٥ في كتاب المناقب عن عبد الله بن بريدة قال سمعت أبي يقول : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم).