وهنا «مردفين» قد تعني ـ فيما عنت ـ إرداف الألف غيرهم من بقية الثلاثة آلاف أو الخمسة آلاف المردفين في آل عمران : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ. بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ. وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)(١٢٦).
ذلك ، وقد يلمح (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) (٣ : ١٣) إرداف ألف آخر فقط ، فالجميع ألفان مع ثلاثمأة وثلاثة عشر رجلا ، والمجموع يرى مثلي ألف المشركين (١) ، ولم تدل (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ) أنه أنزل ثلاثة آلاف ، ولا «يمددكم» أنه أنزل خمسة آلاف ، لمكان الشرط الفاقد في ثانيهما إذ لم يأتوهم من فورهم هذا ، وعدم البتّ في الأول ، وهنا البتّ في «ألف (مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) حيث (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ).
ذلك ، إضافة إلى أن قضية طليق الإرداف هي إرداف مماثل في العديد ، وإذ لم يكن عديد المؤمنين ألفا فليكن المردفون هم ألف من الملائكة آخرون.
ولو أراد الله نصرهم دون هؤلاء الألف المردفين لفعل ، ولكن «بشرى» لهم بحق النصر بظاهر من أسبابه (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) (وَمَا النَّصْرُ) على أية حال ـ بظاهر من معداته ودونه ـ (إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٢).
وتراهم حاربوا المشركين مع المؤمنين؟ (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) تنفيها ، ثم (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ
__________________
(١) في البحار ١٩ : ٢٢٣ في حديث القمي وأبي حمزة في مردفين أي متبعين ألفا آخر بعضهم في أثر بعض.
(٢) راجع آيات البدر في آل عمران تجد الملائمة بين «ألف مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ» و «ثلاثة آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ» و «يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ» فلا نعيد هنا.