بشأن المسار على
الخريطة بين قصيبة وكهفة لا بد لي من الملاحظة بأن الالتفافات التي نراها لم
تستلزمها طبيعة الأرض القابلة للعبور من كل الاتجاهات ، إنما حيرتنا حيال الوجهة
التي يجب اتباعها. لم يكن في هذا الاتجاه غير المطروق إلا نادرا ، على أي حال ، أي
درب أو أثر ، فهذه الأرض الحجرة لا تحتفظ بأي أثر ورفيقي طراد لا يعرف سوى طريق
القصيم الاعتيادية التي تمر بقوارة. وما كان يربكنا هو أن شيخ قصيبة لدى إعطائنا
وجهة كهفة في الصباح على طريقة الصحراء أي بقطعه الأفق بيده المفتوحة عموديا ،
أشار إليها متماديا إلى الشمال.
وقد أبدى لي الشيخ
عمار ارتياحه لرؤيتي سالما ومعافى وخصني باستقبال حار ولكنني لم أدخل منزله وبقيت
مخيّما في الخارج على الرمل لأتمكن من المغادرة باكرا.
الا أنه أراد ان
يعتبرني ضيفه ، فأرسل لي بعد العشاء اثنين من رجاله لحراسة جمالي وأشيائي طوال
الليل مع أن ستة من فرسان الأمير الذين التقيتهم هنا وضعوا أنفسهم فورا في خدمتي.
في اليوم التالي
انطلقنا في ساعة مبكرة ولكن على مسافة فرسخين من كهفة ضيعنا قرابة ثلاث ساعات بسبب
إنذار بوجود لصوص قمنا بمطاردتهم لكنهم أفلتوا منا بفضل الظلام ، بحيث لم نصل إلى
فيض إلا قرابة غروب الشمس.
لدى مغادرتي في
صباح اليوم التالي ، اجتزت جبل سلمى عبر وادي الاتسر وحينما مررت قبالة قصر عدوه
وهو ملكية مهجورة حاليا ، خيّمت لبضع ساعات قرب جبل فتيت وعدت إلى حائل في ٢٨ آب
بعد غياب دام ثمانية وعشرين يوما.
جبل جلدية
في ٢٢ أيلول فيما
كان الأمير يقوم بغزو جنوبي وادي الرمّة ، قمت برحلة إلى جبل جلدية الذي يبعد
مسافة يوم طويل إلى شرق حائل حيث ذكر لي وجود نقوش.
انطلقت في الساعة
الرابعة عصرا من حائل وسرت مدة ساعة مع دليلي باتجاه الشمال ، ٧٧ درجة شرقا.