المتخم بالهوامّ المنبعثة من المياه الراكدة العديدة والذي لا تجدده رياح الغرب المهيمنة لأن الواحة محمية كليا من هذا الجانب بجدار الحوض الذي تقع فيه. ومهما يكن من أمر فإنني لن أنسى لأمد طويل القسمات المشدودة والوجوه الضامرة والأجسام الضعيفة النحيلة والصغيرة للسكان.
عند الطرف الشمالي ـ الشرقي لحوض قصيبة أملاك اسمها مشكوك.
وعند طرف القرية في الشمال تنتصب على كتف جدار الحوض أطلال مبنى قديم من الحجر المقصّب يعرفه جميع الناس في نجد تحت اسم قصر عنتر أخو مارد. وفي ذهن سكان البلاد تعود كلمة أخو إلى كلمة قصر وتعني ان هذا القصر هو أخ قصر مارد في عين ابن فهيد.
لم يبق شيء يذكر من هذه الأطلال. خط الأسوار على الأرض وبعض الحجارة المتناثرة. لم استطع العثور على أي أثر للنقوش وقد أكد لي السكان أيضا انهم لم يلاحظوا وجود أي منها بتاتا.
الكهفة
في اليوم التالي غادرت قصيبة قبل الفجر. متوجها إلى الكهفة وبعد ساعتين من السير شمالا ، ١٥ درجة غربا ، بلغنا حوضا جديدا يدعى الحمودية يضم ست أملاك مهجورة. وهو لا ينتج نخيلا ويأتيه العرب البدو أحيانا ليزرعوا الحقول شعيرا وقمحا. منذ أكثر من عشر سنوات وهذه الحقول بور ولكن المنشآت والآبار محفوظة تماما تحت هذه السماء الحليمة والمياه في الآبار وافرة. توقفت هنا لمدة نصف ساعة لتناول بضع تمرات.
ولم نلبث أن استأنفنا سيرنا ، وقرابة الساعة التاسعة بدأت صحراء جديدة لا مثيل لكآبتها ، مكونة فقط من حطام حث وخالية من أي شجيرة. وقد عانيت كثيرا من القيظ وبالأخص من ارتداد وهج الأرض. هذه الصحراء الحجرة الواقعة بين قصيبة وقوارة والكهفة تدعى الترمص. أخيرا في الرابعة عصرا لمحنا الكهفة التي وصلنا إليها بعد ساعتين.